استيقظت العاصمة البلجيكية بروكسل أمس على أربعة تفجيرات إرهابية، استهدفت المطار الدولي ومحطات للمترو، وأدت إلى مقتل وجرح المئات، وسط تبني تنظيم داعش العملية الإجرامية التي عمت عاصمة الاتحاد الأوروبي، في حين تساءل مراقبون عن سر تزامن الهجمات الإرهابية في أوروبا والمؤتمرات الدولية الهادفة إلى البحث عن حلول للأزمة السورية، إذ تكررت تلك المصادفة كثيرا. عاد الإرهاب إلى القارة الأوروبية مجددا، ليضرب هذه المرة قلب العاصمة البلجيكية، بروكسل، والتي شهدت أربع انفجارات مدوية، استهدف اثنان منها المطار الدولي، فيما ضرب انفجاران آخران محطتين للمترو. وأشارت وسائل إعلام إلى أن الانفجارات أسفرت عن مقتل 34 شخصا وإصابة 135 آخرين. بدوره، أكد المدعي العام، فريدريك فان، أن أحد تفجيرات بروكسل كان هجوما انتحاريا. وأشارت مصادر إعلامية إلى أن الانفجارين الأولين وقعا قرب مكتب خطوط طيران أميركان إيرلاينز، في مطار بروكسل، واسفرا عن سقوط 14 قتيلا وعشرات الجرحى، فيما قالت وكالة الأنباء البلجيكية إن إطلاق نار سبق الانفجارين. وبعد أقل من ساعة، وفيما كانت أجهزة الأمن والطوارئ والإسعاف مشغولة بتفجيرات المطار، هز انفجار جديد محطة قطارات قرب مبنى تابع للاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية، مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص. ووقع الانفجار لدى وصول القطار إلى المحطة خلال ساعة الذروة الصباحية، وبعد ربع ساعة من التفجير السابق، كما وقع تفجير رابع في محطة شومان المجاورة، حيث مقرات الاتحاد الأوروبي، أسفر عن مقتل 20 شخصا كحصيلة أولية وإصابة 40 آخرين، معظمهم في حالة حرجة. رفع حالة التأهب الأمني سارعت وزارة الداخلية، إلى رفع حالة التأهب الأمني إلى الدرجة القصوى في جميع أنحاء البلاد، وألغت كل رحلات القطارات الأوروبية من وإلى بروكسل. كما تم إلغاء الرحلات الجوية وإغلاق مطار بروكسل الذي وقع التفجيران في صالة المغادرة التابعة له، وتم إخلاء المطار بالكامل. كما تم إيقاف كل وسائل النقل العام في بروكسل، مما أصاب الحركة فيها بالشلل التام. من جانبه، أكد رئيس منطقة العاصمة بروكسل، رودي فيرفروت، تفعيل مخطط الطوارئ، وذلك في حديث مع محطة "آر تي أل" البلجيكية. وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن كل أجهزة الأمن وضعت في حالة استعداد كامل. عقب ذلك، أعلن تعليق رحلات الطيران، وكذلك القطارات إلى مطار بروكسل الذي حصل التفجيران في صالة المغادرة التابعة له، كما أخلي المطار بالكامل. تأتي التفجيرات الأخيرة عقب عدة أيام من اعتقال العقل المدبر لهجمات باريس، صلاح عبدالسلام، الناجي الوحيد من منفذي الهجمات، وحملة اعتقالات جديدة شنتها الشرطة البلجيكية. ووجه القضاء إلى عبدالسلام، السبت الماضي، تهم القتل الإرهابي والمشاركة في أنشطة مجموعة إرهابية. هولندا تمنع السفر لبلجيكا حذر رئيس وزراء هولندا، مارك روته، أمس، مواطنيه من السفر إلى بلجيكا بعد تفجيرات بروكسل، وقال روته في مؤتمر صحفي، إنه تم تشديد إجراءات التفتيش التي يقوم بها الجيش والشرطة في المطارات ومحطات القطارات بمختلف أنحاء البلاد. لكن لم يتم رفع مستوى التهديد بوقوع هجمات في هولندا عن الدرجة الحالية وهي "كبير" ولا توجد أدلة ملموسة على تعرض البلاد لتهديد فوري في سياق متصل، أكد متحدث باسم الشرطة الألمانية أن السلطات المختصة عززت إجراءات الأمن في المطارات ومحطات القطارات والحدود مع بلجيكا، وفرنسا، وهولندا، ولوكسمبورج، في أعقاب التفجيرات التي وقعت في بروكسل. وقال شهود عيان إنه لوحظ وجود أعداد إضافية من رجال الشرطة في مطار فرانكفورت ومحطة القطارات صباح أمس. حراسة المواقع النووية عززت السلطات في بروكسل إجراءاتها الأمنية حول المنشآت النووية في البلاد، بعد الاعتداءات الدامية، وقال المتحدث باسم الوكالة الفيدرالية للرقابة النووية، سباستيان بيرج، "المواقع النووية في بلجيكا تخضع لرقابة إضافية منذ اعتداءات باريس في 13 نوفمبر الماضي"، ورفض الدخول في التفاصيل، مشيرا إلى أن الجيش انتشر منذ أواخر الأسبوع الماضي في هذه المواقع، في إطار إجراءات لتعزيز الأمن في البلاد. وفي بلجيكا محطتان نوويتان مجهزتان بسبعة مفاعلات في مدينتي دول، شمال البلاد، وتيهانج، جنوب شرقها. تابع "بيرج"، إنه جرى أيضا تعزيز الأمن في موقعين آخرين، هما مركز للطاقة النووية في مول، شمال شرق، ومعهد العناصر المشعة في فلوروس، جنوببلجيكا. وأوردت وكالة الأنباء الرسمية عن مصدر أمني قوله "يتم التدقيق في السيارات كما انتشرت الشرطة والجيش في المكان". إجراءات فرنسية مشددة وصف الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند أحداث بلجيكا بأنها استهداف للقارة الأوربية بأكملها، وقال في تصريحات صحفية "على أوروبا اتخاذ كل الإجراءات الضرورية إزاء خطورة التهديد، وفرنسا التي تعرضت لاعتداءات مشابهة أكثر من مرة ستتكفل بحصتها كاملة من هذه الإجراءات. وستواصل مكافحة الإرهاب بحزم على الصعيدين الداخلي والخارجي". بدوره، أعلن وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، إثر اجتماع طارئ دعا إليه هولاند بمشاركة الوزراء المكلفين بشؤون الأمن، أن على أوروبا تعزيز عمليات التنسيق ومكافحة الإرهاب. وأضاف أن نشر 1600 شرطي وجندي إضافي في فرنسا سيتم عند مراكز المراقبة على الحدود، وأيضا في المواقع الإستراتيجية للنقل الجوي والبري والبحري ولسكك الحديد. وتابع "ابتداء من اليوم، فإن أماكن النقل العامة ستخصص للذين يحملون هوية أو بطاقة للسفر. وستخصص دوريات لعسكريين في هذه المواقع، إضافة إلى فرض عمليات تدقيق وتفتيش جسدي بشكل منهجي". في السياق ذاته، قال رئيس الوزراء، مانويل فالس، نحن في حرب، وفي مواجهة هذه الحرب يجب تعبئة كل الهيئات.