فيما واصلت القوات الروسية أمس انسحابها الجزئي من الأراضي السورية، سعت موسكو إلى التقليل من آثار الخطوة على حليفها نظام الأسد، متوقعة ألا تؤدي إلى إضعافه عسكريا. إلا أن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، كان له رأي مغاير، عندما أكد أن الانسحاب الروسي سوف يغير حسابات الواقع السوري على الأرض، ويوفر أفضل فرصة لتحقيق السلام. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في تصريحات نقلتها وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء إن سحب الجزء الرئيسي من قوات بلادها "لن يضعف الأسد". مشيرة إلى أن الخروج من سورية يأتي ردا على محاولات غربية لإظهار العملية الروسية "كأنها أفغانستان جديدة". وأضافت أن تطورات الأزمة السورية ستكون الموضوع الرئيسي لزيارة كيري لموسكو الأسبوع المقبل. وتابعت زاخاروفا بإعلان مغادرة مجموعة أخرى من الطائرات الحربية قاعدة حميميم الجوية في طريق العودة إلى قواعدها بموسكو، تضم طائرة نقل إليوشن-76 ومقاتلات من نوع سوخوي-25. زيادة فرص التسوية وصف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الخروج الروسي من سورية بأنه "خطوة إيجابية في طريق حل الأزمة"، مشيرا إلى أن ذلك سينعكس على المفاوضات الجارية حاليا في جنيف، وأضاف في تصريحات صحفية "أمام العالم فرصة قد تكون الأفضل لإنهاء الأزمة الدائرة منذ خمس سنوات، نظرا للانسحاب الروسي واستئناف محادثات السلام في جنيف". وأعلن أنه يخطط للسفر الأسبوع المقبل إلى روسيا للاجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين لبحث الأزمة السورية. كما ركزت وسائل الإعلام الأميركية على تأثيرات قرار الرئيس بوتين الخروج من سورية، واهتمت بالتوقيت الدقيق لإعلان القرار بالتزامن مع بدء انطلاق مفاوضات جنيف3، مشيرة إلى أنه يحرم الوفد الحكومي من القدرة على المناورة، ويوجه إليه في ذات الوقت تحذيرا من الاستمرار في سياسة التسويف والمماطلة. مضيفة أن السقف التفاوضي للنظام لا شك سوف ينخفض كثيرا، وأن المندوب الدولي للأمم المتحدة، ستيفان دي مستورا سيجد فرصة أفضل لممارسة ضغوطه على طرفي الأزمة للتوصل إلى حلول نهائية. توحيد الجهد العسكري انعكس الانسحاب الروسي بشكل إيجابي على المعارضة المسلحة، ودفعها إلى البحث عن توحيد جهودها المشتتة تحت قيادة عسكرية موحدة، حيث تم الاتفاق في لقاء جمع قادة هذه الفصائل في أنقرة مع رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب. وأشارت مصادر داخل الجيش الحر إلى أن 19 من قادة الفصائل المسلحة التي تنشط في محيط محافظاتدمشق وريفها، وإدلب، وحمص، وحماة، وحلب، واللاذقية، حضروا اللقاء، وتوافقوا على توحيد الجهود، فيما ينتظر أن يلتقي حجاب خلال الأيام المقبلة في الأردن ممثلين عن فصائل كل من درعا والجولان. ويشير مصدر إعلامي قريب من المعارضة إلى أهمية توحيد صف الثوار خلال الفترة المقبلة، لأنهم سيكونون في مواجهة قوات النظام، إضافة إلى تكثيف الجهود ضد تنظيم داعش، وأضاف – نقلا عن قادة في الفصائل المسلحة – أن هناك شبه اتفاق على أن القيادة العسكرية المرتقبة ستكون نواة للجيش الوطني الجديد، الذي سيكون منوطا به حفظ الأمن في فترة ما بعد الأسد. نهاية الحرب السورية ذهب المعارض السوري البارز برهان غليون إلى أن الانسحاب الروسي من سورية، إذا تحقق بصورة كاملة، يعني فعليا "نهاية الحرب". وقال في مقالٍ نشره عبر صفحته بموقع فيسبوك، تحت عنوان "الحرب السورية انتهت" "الانسحاب الروسي المفاجئ من سورية، رسالة موجهة للأسد بأن حقبة التلاعب والهرب من الاستحقاق التفاوضي والعمل على تقويض المبادرات الدولية قد انتهت. والخطوة الروسية جاءت ردًا على تعنت النظام ورفضه للمفاوضات وسعيه إلى تقويضها، وهي بمثابة رسالة واضحة للأسد بأن عليه التخلي عن أحلامه والقبول بالمشاركة الجدية في مفاوضات، سوف تفضي إلى نهاية نظامه وحكمه". وعلى ذات النسق تقول صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن خروج موسكو هزّ مفاوضات السلام الجارية في جنيف، وسبب توتراً لنظام الأسد وحلفائه في المنطقة، لاسيما ميليشيات حزب الله. وأكدت أن القرار اتخذ على ما يبدو من دون التشاور مع الأسد، الذي بات يواجه ضغطاً كبيراً من أجل التوصل إلى تسوية أو اتفاق لتقاسم السلطة مع المعارضة.