أقرت وزارة التعليم العام الماضي قبول خريجي الانتساب في المفاضلات التعليمية لوظائفها، الأمر الذي وصفه كثير من التربويين والمعنيين بتطوير التعليم بالكارثي، والذي قد تظهر تبعاته جليا في المستقبل وتنعكس سلبيا على مخرجات التعليم العام، وحينها يكون أمرا حتميا يصعب تفاديه، ولكنهم تنفسوا الصعداء عندما نقلت مصادر صحفية عن وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى قوله إنه غير مقتنع بأن خريجي الانتساب يصلحون للتعليم، وإن طالبي العمل من المنتظمين كُثر وهم أولى بالعمل من خريجي الانتساب. لذلك فإنه يتوجب على الوزير سرعة اتخاذ مثل هذا القرار قبل فوات الأوان. عندما نسلط الضوء على برامج الانتساب بجامعاتنا، نجد أنها برامج ضعيفة جدا وذات كفاءة أكاديمية متدنية، بل إن بعضها تفتقد المصداقية، فالطالب المنتسب يجلس ببيته طيلة الفصل الدراسي، ثم قبل الاختبار النهائي بساعات ينطلق مارا بإحدى المكتبات في طريقه للجامعة، فيجد بها نسخته الخاصة التي سوف يجد مثلها تماما بعد قليل أمامه في قاعة الامتحان، فالاختبارات لا تتجاوز كونها إجراءات روتينية وحتمية لا معنى لها، وهكذا هو الحال حتى يحصل على البكالوريوس "الفخرية" وبتقدير ممتاز على الأقل، ثم يأتي مطالبا بمساواته بالمنتظمين ويدعي أنه بنفس المخرجات والكفاءة. عندما تخصص وزارة التعليم المليارات لتطوير التعليم، وتعتمد البرامج التطويرية كبرنامج الملك عبدالله لتطوير التعليم وغيره، وتبذل الجهود وتصرف الأموال الطائلة لتطوير المناهج الدراسية، ولكنها تصرف النظر عن المحور الرئيسي في العملية التعليمية "المعلم" الذي هو أساس لنجاح كل هذه البرامج التطويرية، لذلك عندما قررت الوزارة قبول خريجي الانتساب في الوظائف التعليمية فهي اتخذت قرارا متناقضا يتعارض مع خططها لتطوير التعليم، فلا يعقل أن يكون خريج الانتساب هو الأداة الفاعلة لتنفيذ هذه البرامج والإستراتيجيات التطويرية، وإذا كانت الوزارة بالفعل تنظر لخريجي الانتساب بأنهم مؤهلون لتنفيذ أهدافها التعليمية فأجزم لكم بأن كل هذه الأهداف والبرامج التعليمية والتطويرية لن تكون إلا مجرد حبر على ورق، بل إن مثل هذا القرار سوف يكون بلا شك أداة لتعطيل كل ما تبذله الوزارة لتطوير التعليم. لذلك أتمنى من الوزير أن ينظر بمعيار المهنية والكفاءة ويصحح الأخطاء السابقة التي أهمها "خريجو الانتساب"، ويتلافى حدوث مثل ذلك مستقبلا، فالتعليم هو من يصنع الفارق، وهو الأساس في تنمية الوطن.