تمتد سطوة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) حول أرجاء المعمورة، وقد استفادت من هذه السطوة لتسبغ كثيراً من الحماية على أسرة كرة القدم وتمنع التدخلات السياسية والحكومية في شؤونها، لكن ثوب الفيفا ليس ناصع البياض، حتى إن رائحة الفساد وتفشي الرشاوى باتت تزكم الأنوف، وتلقي بظلالها وصولاً إلى أعلى الهرم المتمثل في اللجنة التنفيذية للفيفا الذي يختار أعضاؤها ال24 الدولة التي يسند إليها شرف تنظيم نهائيات كأس العالم للكبار، وهو التنظيم الذي يغدق عليها الأموال الطائلة، ويحسن بناها التحتية، ويضعها دولة وشعباً ونظاماً حكومياً في دائرة الضوء. وتتسابق الدول للظفر بشرف التنظيم متسلحة بملفات تتفاوت قوة وواقعية وأهمية، لكنها كذلك تتسلح أحياناً بطرق وتفاهمات من تحت الطاولة لكسب الأصوات وحسم السباق، ومن هذه الطرق بل وأكثرها شيوعاً تقديم رشاوى شخصية أحياناً للعضو، أو على شكل تسهيلات ومعونات وهبات تقدم لاتحاد بلده مثل الملاعب أو الأكاديميات أو دوارت التأهيل أو غيرها. وفي إطار السباق لاستضافة مونديال 2018 جاءت القصة الجديدة التي كشف عنها تقرير نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أمس مشيراً إلى أن اثنين من مسؤولي الفيفا عرضا بيع صوتيهما للدول المتنافسة على حق استضافة البطولة. وأفادت الصحيفة أن لديها شريط فيديو يظهر فيه النيجيري آموس أدامو، وهو عضو في اللجنة التنفيذية للفيفا يطالب فيه ب500 ألف جنيه إسترليني من أجل بناء أربعة ملاعب كرة قدم في بلاده، كما زعمت أن رئيس اتحاد أوقيانيا رينالد تيماري طلب بدوره أموالاً لإحدى الأكاديميات الرياضية مقابل صوته. وتتنافس إنجلترا على تنظيم كأس العالم 2018 بالإضافة إلى روسيا كما تقدمت كل من إسبانيا والبرتغال بملف مشترك وهولندا وبلجيكا بملف مشترك. وستختار اللجنة التنفيذية المكونة من 24 عضواً في الثاني من ديسمبر المقبل الدولتين اللتين ستنظمان بطولتي كأس العالم في عامي 2018 و2022. وبدا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تورطت عن دون قصد في فضيحة فساد تتعلق باستضافة النهائيات، حيث كشفت الصحيفة عن وجود تحالف داخل الفيفا لمساندة ملف الولاياتالمتحدة لاستضافة كأس العالم 2022. وطالب الفيفا بالتفاصيل الكاملة لتحقيقات الصحيفة البريطانية واسعة الانتشار بالإضافة إلى ملف يضم البيانات وتسجيلات الفيديو التي نفذها محررو الصحيفة مع أدامو وتيماري، وهو الملف الذي سيتم بحثه في المقر الرئيس للفيفا بسويسرا خلال الأيام القليلة المقبلة. ولم يكن الاتحاد الأمريكي لكرة القدم على دراية بهذه التحقيقات وليس هناك أي تلميحات بشأن حدوث مخالفات من جانب الاتحاد. وقال متحدث باسم الفيفا أمس "طالب الفيفا بالفعل الحصول على جميع المعلومات والمستندات المتعلقة بهذه المسألة وننتظر الحصول عليها، وعلى أي حال سيجري الفيفا تحليلا فوريا للمواد المتاحة وفقط بمجرد الانتهاء من هذه التحاليل سيكون بمقدور الفيفا أن يقرر هوية الخطوة المقبلة، في الوقت الحالي الفيفا ليس في وضع يسمح له بتقديم أي تعليقات إضافية حول هذا الأمر". وأوضح مصدر في الفيفا أن رئيس اللاتحاد السويسري جوزيف بلاتر طلب إجراء تحقيق كامل ويعتزم التأكد بنفسه من أنه تم التعامل مع الأمر بشكل سريع. وأشارت الصحيفة إلى أن إلقاء الضوء على هذه الفضيحة سيكون أعمق من أي وقت مضى، وبالتالي فإن هذا يضمن أن يكون سباق التنافس "نظيفاً". وتسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية لاستضافة كأس العالم 2022، بعد قرار الانسحاب من ملف استضافة مونديال 2018، مما يضمن تنظيم المونديال داخل القارة الأوروبية فى ذلك العام، في ظل تنافس إنجلترا على تنظيم كأس العالم 2018 بالإضافة إلى روسيا كما تقدمت كل من إسبانيا والبرتغال بملف مشترك وهولندا وبلجيكا بملف مشترك. وتنص اللوائح على ألا يقام المونديال في قارة واحدة مرتين متتاليتين، مما يحصر المنافسة على استضافة كأس العالم 2022 بين أمريكا وقطر واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا.