علق خبير المياه عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل الدكتور محمد الغامدي، حول تقرير صادر عن البنك الدولي يفيد بخطر شح المياه الطبيعية في العالم وفي دول الخليج خاصة، إذ سجلت دول الخليج أعلى معدلات في استهلاك المياه للفرد على مستوى العالم بحسب التقرير، كما تشهد بلدان مجلس التعاون الخليجي أكبر الفجوات بين إمدادات المياه المتجددة والطلب، حيث تستخدم البحرين 220 % من احتياطي المياه المتجددة لديها، مقابل 943 % في المملكة و2465 % في الكويت. خطورة المستقبل أكد الغامدي ل"الوطن"، على أن المياه الجوفية في المملكة ستنفد خلال ال13 سنة القادمة حسبما أعلنته بعض الجهات المسؤولة عن كميات المخزون من المياه غير المتجددة نظير السحب السنوي الذي يزيد عاما بعد عام، مضيفا بأن هناك تقديرات رسمية تم الإفصاح عنها قياسا على انخفاض مناسيب المياه الحاد في المناطق الزراعية، وأن الوضع يؤشر بخطورة المستقبل وتوقف كل الزراعات التي تعتمد على هذه المياه الجوفية، إذ إنه يمكن الاستفادة منها حتى تصل إلى عمق 300 متر. وأوضح الغامدي، بأن المملكة تعتمد بشكل رئيس على مصدرين للمياه، أولهما المياه الجوفية وثانيهما مياه التحلية، إذ إن المملكة تخلو من المياه السطحية كالأنهار والبحيرات نتيجة لذلك أصبحت المياه الجوفية بشقيها المتجدد وغير المتجدد تمثل نحو 98 % من مصادر المياه فيها، مضيفا أن هناك مصادر مياه جوفية متجددة بواسطة مياه الأمطار في مناطق الدرع العربي الذي يمثل ثلث مساحة المملكة، ويشمل منطقة نجران، جازان، عسير، الباحة، مكةالمكرمة، والمدينة المنورة، مبينا أن بقية المناطق دون الدرع العربي تقع في مناطق صخور رسوبية وتشكل ثلثي مساحة المملكة، واعتمادها على المياه الجوفية غير المتجددة، مضيفا أن هذه المياه لا يمكن تعويضها بمياه الأمطار السائدة حاليا وهي مياه موجودة من فترات العصور المطيرة حيث توجد هذه المياه على أعماق مختلفة، يصل بعضها إلى أعماق تزيد عن 2000 متر تحت ضغط عال وبحاجة إلى حفر آبار ارتوازية عميقة للاستفادة منها. الزراعة تستنزف المياه بين الدكتور الغامدي، أن هذا النوع من المياه يتعرض للاستنزاف الجائر بسبب التوسعات الزراعية غير المدروسة في زراعة القمح والشعير والأعلاف، إذ إنها أكثر الزراعات استنزافا لتلك المياه، مشيرا إلى أن هناك زراعات أخرى تسهم في زيادة استنزاف المياه الجوفية في هذه المناطق، مثل: التوسع في زراعات النخيل، وأشجار الزيتون والفاكهة، مؤكدا على أن القطاع الزراعي أكثر الجهات المستهلكة للمياه بالإضافة إلى القطاع الصناعي والاستهلاك البشري، حيث إن الاستهلاك الزراعي يقدر نحو 95 % و5 % للاستهلاك الصناعي والبشري، مشيرا إلى أن ذلك يوضح خطورة التوسعات الزراعية العشوائية، لذا يجب التعامل مع هذه المياه بحذر وحساسية عالية جدا وأنها غير قابلة للتعويض. زيادة المخزون المائي أضاف الغامدي، أن الأمطار تنزل بكثافة على شريط لا يزيد عرضه عن 5 كيلو مترات على امتداد سهول تهامة المحاذية للبحر الأحمر من جنوبه إلى شماله، وأن هذا الشريط هو المناسب والأكثر برودة لصيد مياه الأمطار وتخزينها في الأرض، مشيرا إلى أنه يجب تفريغ هذا الشريط من السكان تماما لتشكيلها خطرا عليه وتحويل ذلك الشريط إلى مدرجات زراعية وفق استراتيجية وخطط واضحة، مؤكدا على أن هذه المدرجات ستحقق الأمن المائي والغذائي لكل سكان المملكة وللأجيال القادمة، لما لها من مساهمة في رفع منسوب المياه الجوفية وتغذية المناطق الداخلية بالمياه العذبة، حيث تميل الصخور الحاملة للماء من الغرب إلى الشرق، مضيفا أنه بهذه الطريقة يمكننا تغذية المياه الجوفية بنحو 60 مليار متر مكعب من مياه الأمطار سنويا. استثمار التركيبة الجيولوجية أوضح الغامدي، أنه ليس أمامنا سوى المياه الجوفية المتجددة لزيادة مخزون المياه الطبيعية التي توجد حتى عمق 50 مترا عن سطح الأرض، وأن هذا العمق يمكن للأمطار تعويض المياه المسحوبة منها، ونظرا لندرة المياه في مناطق الصخور الرسوبية فإن أمامنا مناطق الدرع العربي لزيادة الأمطار فيها ويمكنها تغذية المياه الجوفية، ولكن هذا يحتاج إلى خطة واسعة لاستثمار المناطق المطيرة بشكل فاعل، مضيفا أن جبال الدرع العربي أو جبال السراة ترتفع بشكل حاد عن سهول تهامة نحو 2000 متر عن سطح البحر الأحمر، وتنكسر فجأة بميول حاد جهة البحر وتتدرج إلى الشرق حتى تصل إلى عمق تحت سطح الأرض يصل إلى نحو 5000 متر في المناطق الشرقية، مؤكدا على أن هذه التركيبة الجيولوجية يجب استثمارها لتغذية المياه الجوفية واستثمارها زراعيا.