نجح المدرب الوطني خالد القروني في قيادة منتخب الشباب السعودي إلى نهائيات كأس العالم المقبلة التي ستقام في كولومبيا العام المقبل بعد غياب سنوات، وبعد محاولات عدة تولاها مدربون أجانب لكنهم لم يوفقوا. قبل ذلك بنحو الشهر فقط، كان المدرب الوطني عبدالعزيز الخالد يقود منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الاحتفاظ بكأس العالم لذوي الإعاقة الذهنية للمرة الثالثة على التوالي في إنجاز عالمي رائع. وبدا أن ما فعله القروني، ومن قبله الخالد أثبت أن قرار القيادة الرياضية بتولي المدربين الوطنيين زمام الأمور الفنية في المنتخبات السنية أثبت سلامته، لكنه لم يكن كافيا لإيقاف جدل يزدحم في الشارع الكروي المحلي حول استحقاق المدرب الوطني للحضور على مستوى قيادة فرق الصف الأول أو الثاني في المسابقات الكروية المحلية الكبيرة، حيث ينظر البعض للأمر من جانب تشاؤمي لا يرى أي إمكانية للاعتماد على المدرب الوطني طالما أن هناك سوقا مفتوحة تهيمن عليها أفضلية المدرب الأجنبي بلا منافسة، فيما يرى آخرون أن معاناة المدرب الوطني في البحث عن المساحة التي يتمناها لا تختلف عن معاناة أصحاب مهن أخرى مثل الطبيب والمهندس وغيرهما. ويقف حارس الفريق الأول لكرة القدم بنادي الشباب الدولي السابق والمدرب الحالي عبدالرحمن الحمدان في اتجاه يناهض النظرة السلبية حيال المدرب الوطني، ويفند أسباب تراجعه في الساحة التدريبية، ويقول: "إن السبب في عدم الثقة بالمدرب الوطني هو الفكر السائد بأنه لا يعمل إلا في النادي الذي كان ينتمي إليه وهو لاعب، وأغلب القائمين على الأندية السعودية يرون أن اللاعب الشبابي لا يمكنه أن يدرب في الهلال أو النصر والعكس، وينسون أننا نعيش عصر الاحتراف، وأن هناك مصالح مشتركة بين المدرب والنادي، وأن من لعب لفريق يمكنه أن يلعب أو حتى يدرب الفريق المنافس". وأشار الحمدان إلى أن المدرب الوطني يعاني من النظرة الدونية تجاهه، ويضيف "الناس يرون أن المدرب الأجنبي أفضل من المحلي مهما كان، ولعلي استشهد في هذا الصدد بالأطباء والمهندسين السعوديين في السابق عندما كان المجتمع لا يعترف بقدراتهم إلا أنه مع الوقت تغيرت النظرة حتى تفوق كثير منهم على الأجنبي، وأصبحت هناك ثقة كبيرة بهم، لذلك علينا أن ننتظر إلى أن يتكرر السيناريو مع المدرب وإن كنت أخشى أن يتأخر ذلك". وأكد الحمدان أن المدرب الوطني تطور كثيرا عن السابق؛ وعمل على تطوير ذاته وقدراته وأنفق على نفسه في حال عدم حصوله على دعم رسمي. مشددا على أن المدرب الوطني ما زال في انتظار مساعدة القائمين على الأندية أو المسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب للحصول على الفرصة محليا، وقال: "الثقة وإتاحة الفرصة هما ما يحتاجه المدرب المحلي ليثبت جدارته؛ وإنجازات المدربين خليل الزياني ومحمد الخراشي وناصر الجوهر وعبداللطيف الحسيني وعبدالعزيز الخالد وخالد القروني وغيرهم ستظل شاهدة على ذلك، ولعلي أضرب مثلا فأنا مدرب متفرغ لكرة القدم وحاصل على الشهادة العليا "A ليسنز" لمدربي كرة القدم، وهي من أعلى الشهادات التدريبية التي تمنح من ترابن كامب بمدينة هامبورج في ألمانيا وما زلت كغالبية المدربين الوطنيين بانتظار العروض المحلية التي نعاني قلتها رغم خبراتي التي تمتد ل30 سنة بداية من كوني لاعبا ثم مدربا للفئات السنية بنادي الشباب لمدة 4 سنوات، واليوم أتمنى أن أدرب أحد الأندية". وأشار الحمدان إلى أن المدرب واللاعب المحليين لم يطلبا عربيا وخليجيا لعدم الثقة بهما محليا خصوصا المدرب؛ وقال: "كيف يطلب المدرب الوطني عربيا وهو لم يعتمد عليه داخليا، فعبداللطيف الحسيني حصل على الثقة في ناديي الهلال والشباب وغيرهما وجاءه عرض من نادي العين لا يوجد بينه وبين عرض الهلال فرق فقبل عرض الهلال، وأنا أستشهد بالحسيني كونه أخذ فرصته فنجح". علامات استفهام بدوره أكد المدرب الجزائري عبدالعزيز خضير أن عدم تولي المدرب السعودي تدريب فرق الدرجتين الممتازة والأولى يطرح علامات استفهام كثيرة، وقال: "إن لم يحصل على الفرصة هنا فمن سيعطيه الفرصة إذا؟". وأضاف "شخصيا تشرفت بالعمل لأول مرة مع المدرب القدير خليل الزياني، وهو يقدر عمله ويقدم الجهد والعمل الجيد، وخلال عملي معه، ومع كثير من المدربين السعوديين لم ألحظ فرقا شاسعا عن غيرهم من المدربين الأجانب الأوروبيين أو اللاتينيين أو العرب". وتابع "المدرب السعودي لا يختلف فكريا وثقافيا ورياضيا عن سائر المدربين الآخرين، لكن تنقصه الثقة من اللاعبين والمسؤولين، والسبب في عدم احترافه هو فقدانه للثقة والفرصة الكاملتين". وشدد المدرب الجزائري على أن ثقة اللاعب السعودي بمواطنه نقطة في غاية الأهمية بقوله: "لا يمكن أن نغفل ثقة اللاعب بمدربه، فهذا أمر في غاية الأهمية، والمدرب حال وثق به اللاعب يقدم ما لديه من قدرات. والمدرب الوطني قادر على إثبات ذلك". وحول الحملات الصحفية التي تطال بعض المدربين الوطنيين، أوضح خضير "ما حدث للمدرب الوطني خالد القروني من انتقادات لعمله حتى قبل أن يبدأ أمر مستغرب رغم خبرته السابقة في الإشراف على المنتخبات السعودية سواء الناشئين أو الأولمبي، وعلى الرغم من هذه الانتقادات وجدناه يقود المنتخب لنهائيات بطولة العالم المقبلة، ولنصف نهائي كأس آسيا للشباب، ومن المفترض أن أول من يقف مع المدرب هم الصحفيون ليساندوه في مهمته".