يراوغ الانقلابيون في اليمن، بين إعلان قبولهم الحل السياسي وتنفيذ بنود القرار الأممي رقم 2216، تارة، واتخاذ إجراءات على الأرض ترجح رغبتهم في استمرار جرائمهم بحق اليمن واليمنيين، تارة أخرى. ومع إصرار اليمنيين على مساندة دول التحالف لإنهاء الانقلاب بجميع صوره وأشكاله، تحطم الخيار الأول للحوثيين، وانتقلوا إلى المراوغة في الخيار الثاني، إذ أعلن في وقت سابق مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، استعداد الحوثي والمخلوع لتنفيذ القرار الأممي، في حين لم يبادر الانقلابيون إلى اتخاذ أي خطوات نحو هذا الاتجاه، وما يزال الوضع قائما كما هو عليه، قبل إعلان ولد الشيخ، وهو ما يدفع كثيرا إلى التشكيك في نواياهم. مساعي التضليل ولتجاوز هذه الورطة، بادر الحوثي والمخلوع بتحريك أدواتهم التي يمولونها من قبل، من سياسيين وناشطين ومنظمات مجتمع مدنية، وكُلفت بعقد لقاءات وورش عمل، وأنشطة مختلفة تحاول إعفاء الميليشيات الانقلابية من جرائمها، وإضفاء الشرعية على تمردها وانقلابها على السلطة، وإساءتها إلى دول الجوار. نهاية الأسبوع الفائت، عقد قادة حوثيون وآخرون موالون للمخلوع، بينهم من أعلنوا ولاءهم للشرعية في مرحلة متأخرة، لقاءات في المملكة الأردنية الهاشمية، وصفها مراقبون بأنها محاولة لشرعنة الانقلاب، وتبرير الجرائم في حق اليمنيين. لقاءات البحر الميت التي حضر معظمها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، واستمرت يومين، عدّها يمنيون محاولة لأدوات الانقلابيين في تضليل الرأي العام الدولي، وأصدر المجتمعون فيها، بيانا تحدثوا فيه عن ضرورة تولي الدولة محاربة الإرهاب، في إشارة منهم إلى المبرر الذي يتخذه الانقلابيون في اجتياحهم المدن اليمنية، ويسعون إلى تقديم أنفسهم خلاله. تساؤلات مشروعة وتساءل الكاتب والمحامي اليمني، هائل سلام، عن الدولة التي يقصدها البيان، قائلا: "هل هي ما يسمونها باللجنة الثورية، واللجان الشعبية، التابعة لميليشيا الحوثي والمخلوع الانقلابية؟". بدوره، انتقد الكاتب والمحلل السياسي عارف أبو حاتم اللقاء، والشخصيات التي حضرته، وتجاهلهم في بيانهم المزعوم كل جرائم الحوثيين من اقتحام معسكرات الجيش، كما لم يجرؤوا على مخاطبة الحوثي والمخلوع بالتوقف عن قتال اليمنيين وسفك دمائهم. وقال "الذين اجتمعوا ليقرروا مستقبل اليمن في البحر الميت، خرجوا بنتائج ميتة، وليس مستغربا انحيازهم إلى الانقلاب، لأنهم من رجالات صالح والحوثي".