فرضت تطورات الأحداث بالمنطقة وسخونتها دورا متميزا للمملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية، للوصول إلى حلول لكثير من الأزمات التي تهدد المنطقة، وللتصدي لأطماع إيران في عدد من الدول العربية. وكانت قيادة المملكة للتحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن من الانقلابيين الحوثيين، استمرارا لدور إقليمي سعودي متصاعد، برز بوضوح الأسبوع الماضي خلال اجتماع القمة الرباعية بفيينا، الذي ضم وزراء خارجية المملكة، والولايات المتحدة، وروسيا، وتركيا لبحث الأزمة السورية، فضلا عن الاهتمام السعودي بالقضية الفلسطينية، وسعي المملكة لاستعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني. مباحثات كيري ويأتي استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بقصر العوجا في الدرعية، مساء أول من أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري والوفد المرافق له كأحد أبرز الجهود السياسية للمملكة خلال الأيام الماضية، إذ تناولت المباحثات مجمل الأحداث التي تشهدها المنطقة، خاصة ما يتعلق بمستجدات الأحداث في الأراضي الفلسطينية، وأهمية تأمين الحماية للشعب الفلسطيني من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، إضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحة السورية. في السياق نفسه، عقد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، اجتماعا في الرياض، بحضور ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مع وزير الخارجية الأميركي، حيث تم بحث آخر تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والجهود المبذولة تجاهها وموقف البلدين منها. الوضع بسورية وعلى صعيد متصل، قال وزير الخارجية عادل الجبير، على هامش لقائه بنظيره الأميركي جون كيري في الرياض أول من أمس، إن الوضع في سورية كان على رأس المباحثات بين الجانبين السعودي والأميركي، مبينا أن البحث جار عن آلية لحشد المجتمع الدولي، وذلك لتطبيق الرؤية الخاصة بمستقبل سورية على ضوء مؤتمر جنيف1. وأضاف الجبير أن هذه الرؤية تتمثل في تشكيل لجنة انتقالية تتولى السلطة في سورية، وتحافظ على مؤسسات البلد المدنية والعسكرية، وتضع دستورا جديدا، كما تهيئ البلد لانتخابات، ولا يكون للأسد دور في مستقبل سورية. إيران عنصر للشر وعد الجبير إيران عنصرا للشر لا للأمان في المنطقة، متمنيا أن تكون إيران داعمة للاستقرار في المنطقة، ومؤكدا أن ما تقوم به طهران حاليا لا يخدم أمن واستقرار الدول، واصفا إياها بأنها بلد راع ومصدر وداعم للإرهاب. كما عدها دولة محتلة لأراضي عربية، وتتدخل في المنطقة بشكل سلبي، مستبعدا أن يكون لها دور إيجابي، أو يساهم في الأمن والاستقرار، مردفا بالقول "نتمنى أن تغير إيران أسلوبها في التعامل مع دول المنطقة، وأن تكون عنصرا للأمان وليس للشر". وعن إمكانية مشاركة طهران في تهيئة مستقبل سورية كشريك ضمن دول العالم الساعية لحل الأزمة السورية، أشار الجبير إلى أن هناك أفكارا مقدمة من دول وتم طرحها خلال اجتماع فيينا أول من أمس؛ لكن كافة الاقتراحات لا تزال تدرس. حركة دؤوبة وفي القاهرة، أكد الوزير الجبير بعد محادثات مع نظيره المصري سامح شكري، أمس، أن بعض التقدم أحرز نحو التوصل إلى موقف مشترك على المستوى الدولي بشأن سورية، وأن هناك حاجة إلى مزيد من المشاورات للوصول إلى حل للأزمة، وكرر الجبير تأكيد المملكة على أنه لن يكون لبشار الأسد أي دور في مستقبل سورية. من جانبهم، أكد مراقبون أن السياسة السعودية النشطة في المنطقة هي أفضل رد على الأطماع الإيرانية، وأن الرياض بسياستها المعتدلة ومكانتها العربية والإسلامية تستطيع فرض دورها الإقليمي، وحل عدد من الأزمات العالقة، وفي نفس الوقت تحجيم دور طهران، لافتين إلى إدراك القوى الكبرى أهمية الدور السعودي، والتركيز على هذه الدور في المرحلة المقبلة لإنهاء كثير من الملفات بالمنطقة.