لا أتحدث عن الإرهاب الذي نعرفه جميعاً سواء الممارس في العلن كما هو تنظيم داعش في العراق وسورية، ولا الممارس في الخفاء كما تفعل الخلايا النائمة في بلداننا سواء كانت موالية لهذا التنظيم أو لغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى، حديثي هو عن إرهاب أشد خطرًا لكونه يروّج من أناس يعتقدون هم في قرارة أنفسهم بأنهم ضد كل هذا الإرهاب بل وينددون به ويحذرون منه بشتى الطرق، ولكنهم بطريقة لا شعورية يروجون لهذا الإرهاب. خذ مثالاً: من يسهمون بنشر مقاطع قطع الرؤوس أو القتل بالرصاص أو بطرق بشعة تقشعر لها الأبدان، ماذا لو وصلت هذه المقاطع لأطفالنا؟!، الطفل بطبيعته يعشق شخصية البطل، وذلك قد يكون ناشئاً عن ثقافته الكارتونية الهشّة، فقد يصنع من هذا القاطع للرأس أو المطلق للنار على شخص مقيّد أو المحرق لجسد إنسانٍ حي يصنع منه قدوةً له ويبحث عمّا يدله للوصول إلى مرحلة من يظنه البطل القدوة، بعض هؤلاء الأطفال يتحدثون بحماس منقطع عن هذه المقاطع المروعة وما يصحبها من أناشيد. كما أن بعض من يقف على المنبر متباكياً على حال الأمة وما تعيشه من الذلّ والهوان مركزًا على جانب وجوب نصرة الأمة بطريقة توحي لك بأنه يقول: "احمل سلاحك وانصر أخاك المسلم"، متجاهلا أن الأمم لم ولن تتطور إلا بالعلم، ولن أنسى ذلك الشيخ الذي تحدث أمامي ومجموعة من الناس عن طريقة انتقال روح الشهيد إلى السماء وأن ملكاً يحملها على جناحه بوصف دراماتيكي ساحر كمن يقول: "مُت شهيدًا" دون أن ينطق بحرف واحد عمّن هم الشهداء المعتبرون في شرعنا الطاهر، تاركاً المجال مفتوحاً لتأويلات كثير من الحاضرين وخاصةً صغار السن المتأثرين بالثقافة الكارتونية.