تعمل روسياوالصين حاليا على تجاوز الخلافات التقليدية بينهما من أجل حسن استثمار الوضع العالمي الراهن وتأثيره في غريمتهما الولاياتالمتحدة الأميركية. وفي هذا السياق تفيد أحدث التقارير الاستخباراتية الصادرة عن مركز "ستراتفور" أن موسكو وبكين تخططان لمنافسة واشنطن في أكثر مجالاتها قوة وتفرداً وهو المجال العسكري. وقالت التقارير إن روسياوالصين تعملان على استغلال سياق الأزمة الأوروبية وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط والنزاعات في بحر الصين الجنوبي لتغيير أوجه التنافس بينهما وبين الولاياتالمتحدة، والتقليص من نفوذها على صناعة القرار في العالم. وأضافت "لعل من أبرز الدلائل على أن خصوم الولاياتالمتحدة أصبحوا أكثر جاهزية لمنافسة التحركات الروسية الأخيرة في الشرق الأوسط، سلسلة الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى بين روسيا ودول عربية مؤثرة إقليميا. ترحيب شرق أوسطي وحسب التقارير، فإن السياسة الصينية لا تختلف كثيراً عن نظيرتها الروسية، في هذا الشأن، حيث تثبت الأنباء الاقتصادية حركية كبيرة في مستوى التبادل الاقتصادي الصيني الخليجي، بما يفتح الباب أمام تطور العلاقات على مستويات سياسية ودبلوماسية. وتعتبر الصين أكبر الدول المستوردة لنفط الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن تزداد واردات الصين النفطية لتتجاوز الولاياتالمتحدة في عام 2030 من حيث واردات نفط الشرق الأوسط. ويلقى التعاون الصيني الشرق أوسطي ترحيباً كبيراً من طرف حكومات دول الشرق الأوسط، وذلك لعدم تدخلها في الشؤون الداخلية لتلك الدول؛ فقد اقتصر التعاون الصيني ودول المنطقة على الأعمال التجارية فقط، إلا فيما ندر على الملف السوري. منافسة أميركا وبقدر ما تحمله العلاقات مع دول الشرق الأوسط من مزايا اقتصادية واستثمارية وسياسية، لكل من روسياوالصين، تحمل أيضاً - ووفقا للتقارير الاستخباراتية- بُعداً استراتيجياً وتاريخياً خاصا بهاتين القوتين يتعلّق بمنافستهما للولايات المتحدة الأميركية، فمعروف أن الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم أهمية لدى الولاياتالمتحدة، ومعقلا رئيسيا لنفوذها وتطبيق نظام القطب الأوحد؛ وأي محاولة لضرب هذا النفوذ وخلق توازن عالمي جديد بين القوى يجب أن يكون بمزاحمتها في هذه المنطقة. وتهدف كل من الصينوروسيا في علاقاتهما إلى الحد من الهيمنة الأميركية من خلال دور أقوى لمجلس الأمن الدولي، الذي تملك موسكو وبكين فيه حق النقض، في التعامل مع القضايا الأمنية الملحة، فضلا عن لعبهما دوراً أكبر في عالم متعدد القطبية تستطيعان فيه حماية مصالحهما ومصالح الدول الصديقة لهما.