استقر في عقيدة الإنسان المسلم أن القسم في القرآن العزيز يدل على أهمية وعظمة المقسم به؛ ما يدعو إلى التفكر في أبعاد المقسم به، ومن ذلك القسم بالقمر والشمس والليل والنهار والسماء والأرض والنجم والنفس واليوم الموعود، لتعظيم شأن وقدرة وقوة موجدها وخالقها سبحانه، ويأتي القلم، هذا المخلوق العظيم، في إحدى الآيات الجليلة الدالة على عظمة الخالق كونه أحد الأدوات الرئيسة لبناء الحضارات، في كافة الأمم والعصور والأجيال. قال تعالى في سورة القلم، "والقلم وما يسطرون"، قال ابن كثير في تفسيره: "فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم". وهذا التفسير مع بساطة وقلة كلماته، يعد عميقا في محتواه وأبعاده، فلو تخيلنا (الكون والحياة والإنسان) بدون قلم وورق لأيقنّا أثر هذا المخلوق العظيم، فما الذي بواسطته نقلت إلينا حياة الأمم وتاريخ الشعوب، وأحوال الناس، والأحداث التاريخية؟ ومن بواسطته دونت تجارب البشرية فجاءت كما هي محفوظة مصونة، أليس الفضل يعود إلى الله ثم لهذا المخلوق العظيم؟ هذا المخلوق العظيم، يجب أن نستثمره بما يلائم مكانته العلمية والفكرية المخلوق لأجلها، وذلك بتحويل ثقافة التزين والتمظهر بنوع الماركة أو لون الغطاء وشكله، إلى ثقافة توظيفه وذلك بتحويله إلى أداة بناء حضارة إسلامية متجددة، وذلك بتدوين الأفكار والخواطر والحلول والمبادرات والمقولات، ومن ثم التأمل في آفاقها المعرفية، فقد يعالج أحدنا بتلك الفكرة والخاطرة مشكلة اجتماعية معقدة أو يؤسس معرفة جديدة أو يبتكر عملا مبدعا غير مسبوق أو يسطر تجربة تخلد ذكراه للأجيال. ألا يستحق بعد هذا أن يكون مخلوقا عظيما؟!