لأول مرة ومنذ عقود مضت، اختفت أمس في اليوم الدراسي الأول، أصوات الطلاب والطالبات عن الفصول الدراسية بمدارس النطاق الأحمر على الحد الجنوبي بمناطق عسيرونجرانوجازان، وذلك بعد قرار وزارة التعليم بتقسيم القطاع التعليمية إلى نطاقات في ظل الظروف الراهنة وما تشهده المنطقة من مواجهات مع ميليشيات الحوثيين المتمردين وقوات المخلوع صالح. وانقسم أولياء الأمور إلى قسمين، الأول اتجه بأبنائه وبناته إلى مدارس النطاقين الأصفر والأخضر ليلتحقوا بالعملية التعليمية في أجواء روتينية، والقسم الثاني اضطر إلى شراء أجهزة الكمبيوتر والاشتراك في الإنترنت ليتعلم أبناؤهم وبناتهم عن بعد، كبدائل تعليمية وضعتها الوزارة. فريق واحد أمام الضلال ففي منطقة نجران شدد مدير عام التعليم ناصر المنيع على ضرورة العمل بروح الفريق الواحد لقطع حبال الفكر المنحرف في مدارس التعليم العام بالمملكة. وقال أثناء لقائه بعدد من المعلمين الجدد في مدارس محافظة بدر الجنوب "يجب أن نوقف كل من يحاول التحريض أو بث الفرقة أو جر أبنائنا وبناتنا إلى السلوك الفكري المخالف، ويجب أن نغلق هذا الفكر نهائيا سواء عن طريق الجهات الأمنية أو باستخدام الأنظمة والإجراءات اللازمة لابتعاد هذه الآفة عن المجتمع التعليمي". وكان المنيع قام صباح أمس بجولة تفقدية على مدارس بدر الجنوب يرافقه مدير مكتب التعليم بالمحافظة عبدالرحمن آل سعد. حصر الطلاب المحتاجين وعقب الزيارة وجه بحصر الطلاب المحتاجين للنقل المدرسي، وتحديد نقطة تجمع لتوفير وسيلة النقل في المدارس الآمنة، إضافة إلى استقبال كافة الطلاب القادمين من المدارس غير الآمنة ببطاقة زائر وفق البدائل التعليمية المعتمدة، وتعزيز وسيلة النقل للإشراف التربوي النسوي بمكتب المحافظة. يذكر أن 328 مدرسة فتحت أبوابها أمس في محافظات المنطقة المصنفة ضمن المدارس الآمنة لاستقبال نحو 34 ألف طالبا وطالبة، فيما تواصل المدارس المصنفة بالنطاق الأحمر البالغ عددها 463 استعداداتها المكثفة لتطبيق البدائل التعليمية الإلكترونية التي يستفيد منها نحو 86 ألف طالبا وطالبة. تشجيع وتحفيز وفي منطقة جازان استقبلت المدارس طلابها أمس بالهدايا وأطباق الحلوى والمشروبات الباردة وسط أجواء احتفالية بعودة الطلاب إلى مدارسهم كنوع من التشجيع والتحفيز. وشهدت الفصول المدرسية في كثير من مدارس المنطقة، حضورا لطلاب المدارس الحدودية الذين يرغبون مواصلة دراستهم عبر المدارس ورفضهم التعليم عن البعد بسبب معاناتهم من ضعف شبكة الاتصالات في الشريط الحدودي. ففي محافظة أبي عريش استقبلت مدرسة صلاح الدين الأيوبي الطلاب المستجدين بالألعاب والدمى الإلكترونية والحلوى بحضور أولياء الأمور. من جهة أخرى، تجول المدير العام للتعليم بجازان عيسى الحكمي صباح أمس ميدانيا على المدارس الحدودية، وشارك مع الطلاب في حضور الطابور الصباحي والإذاعة المدرسية. تذليل الصعوبات واستقبل عددا من أولياء الأمور ممن يرغبون في إلحاق أبنائهم بالمدارس، مطالبا إدارات المدارس بتذليل الصعوبات وإنهاء عملية استقبال الطلاب والتحاقهم بالمدارس. ونوه الحكمي بالتعاون مع أولياء الأمور في بيان البدائل التعليمية المتاحة ممن يرغبون بتسجيل أبنائهم، مشيرا إلى أهمية تهيئة البرامج المناسبة لإذابة حاجز الخوف من المدرسة لدى الطلاب، مطالبا باستقبال الطلاب الزائرين ممن يرغبون في الانضمام للمدرسة من أبناء مدارس الشريط الحدودي. تعليم إلكتروني إلى ذلك رصدت "الوطن" تسجيل العشرات من طلاب النطاق الأحمر في مدارس النطاقين الأصفر والأخضر بمدارس تعليم سراة عبيدة، حيث احتضنت تلك المدارس الطلاب والطالبات، فيما استقبلت مدارس خميس مشيط وأبها المئات من الطلاب والطالبات ضمن برنامج بطاقة زائر التي تتيح لهم الدراسة في أي مدرسة يرغبونها. واضطر عدد من أولياء الأمور إلى توفير أجهزة الوسائط الإلكترونية كالحواسيب والجوالات بهدف الاستفادة من البدائل اإلكترونية التي أعلنت عنها وزارة التعليم والمتمثلة في المدارس الذكية ودروسها الافتراضية وقنوات الدروس الفضائية. وفي خطوة وصفها البعض بالمجازفة يؤكد مؤيدوها أنها منطقية، بينما طالب بعض أهالي القرى الحدودية في نجران بمواصلة التعليم بشكل اعتيادي نظرا لاستقرار الوضع الأمني وسيطرة قوات التحالف على زمام المعركة التي تقودها المملكة ضد ميليشيات الحوثي. وتقدم عدد من المواطنين بخطاب رسمي لإدارة التعليم في منطقة نجران يطالبون فيه بالعودة إلى العمل الروتيني في مدارس المنطقة، وبالتحديد قطاع الحضن ونهوقة. من جهته أوضح مشرف الإعلام التربوي بتعليم المنطقة صالح آل صوان في تصريح إلى "الوطن" أمس، أن عددا من أولياء أمور الطلاب والطالبات تقدموا لدى إدارة التعليم بطلب إلغاء قرار مدارس النطاق الأحمر "غير الآمنة"، حيث التقاهم المساعد للشؤون المدرسية منصور آل شريم وأفهمهم أن هذا الأمر خارج عن صلاحيات إدارة التعليم، فهناك لجنة أمنية مشتركة من عدة جهات هي من أقرت ذلك نتيجة دراسة دقيقة للظروف الراهنة، ولذلك لا يمكن الاستجابة لمثل هذه المطالبات في الوقت الراهن.