انتشرت في أوساط الشباب والفتيات في المجتمع السعودي ظاهرة غريبة، وهي إقامة حفلات "توديع العزوبية، والطلاق"، خصوصا بين الفتيات، وفيها تجتمع صديقات وقريبات المحتفى بها لقضاء أوقات سعيدة قبل الزواج، أو بعد الطلاق بفترة بسيطة، ولا تخلو أجواء الاحتفالية من مظاهر غريبة وطريفة منها تجهيز كعكة رئيسية، واستقبال الهدايا احتفاء بهذه المناسبة. وتختلف أماكن إقامة هذه الحفلات؛ حيث تقام أحيانا في المنزل، وأحيانا أخرى خارج أسواره؛ إذ تتكلف فيها العروس أو المطلقة، وتستأجر استراحة أو قاعة تقام بها هذه المناسبة، وانتشرت هذه الظاهرة "الغربية" أولا بين طبقة الأثرياء، ثم سرعان ما أصبحت الفتيات من الطبقة المتوسطة يقمن هذه الحفلات. وترى هالة البخاري (أخصائية نفسية) أن هذا النوع من الحفلات دخيل على مجتمعنا، وتقول "نعيش في بيئة هشة جدًا، لذا نحاكي هذه الصيحات، عدا أننا نعيش في مجتمع تعود الكبت بحكم العادات والتقاليد". ولكنها أبدت تأييدها بشدة لمثل هذه الحفلات، خصوصا "حفلة الطلاق" وعللت ذلك بأن المجتمع بشكل عام ينظر للمطلقة بنظرة دونية، وأنها امرأة مكسورة، متجاهلا أنها عانت الأمرَّين لتحصل على الطلاق، مشيرة إلى أن هذه الحفلات تعتبر تنفيساً انفعالياً، وأنها انتصرت وحققت ذاتها بنفسها. وأكدت أن مثل هذه الحفلات يتطلب جرأة كبيرة؛ لأنها تعتبر ردة فعل عكسية قوية، وتغير مفهوما ظل راسخا في أذهان الكثيرين، فيما تسهم حفلات توديع العزوبية بشكل أو بآخر في تخفيف نسبة الخوف والارتباك والقلق الذي يصيب الفتاة قبل الزواج؛ لأن مفهومه بالنسبة لها مفهوم سطحي، فتجتمع الفتاة مع صديقاتها، ويسترجعن الذكريات الجميلة وقضاء وقت جميل معهن قبل الحياة الزوجية والانشغال بها. أما الدكتورة مها الرواف (باحثة اجتماعية) فتقول إن "هذه الظاهرة بدأت تنتشر بين أوساط الفتيات، حيث يقمن بحجز القاعات، ويستمعن إلى الأغاني المسجلة على الأقراص "دي جيه"، ويتفنن في اختيار الكعك كنوع من التقليد ومحاكاة الغرب". وتضيف "أنا ضد التكلف في إقامة مثل هذه الحفلات، وأعتبرها نوعا من التغيير وكسر الروتين، وإدخال الفرح ونوعا من التنفيس؛ لأن الفتاة المقبلة على الزواج ستنشغل بحياتها الجديدة، وفرصة مقابلتها والاجتماع بها ستكون قليلة جدا". أما عن حفلات الطلاق فذكرت أن "أبغض الحلال عند الله الطلاق، ولكن إذا حصلت المرأة على صك الطلاق، فتكون قد تحررت من القيود والظلم والاضطهاد الذي كانت تعاني منه"، وتضيف "تحضرني قصة لمطلقة تعرضت لأنواع الظلم من زوجها، فهي تعتبره كابوسا في حياتها". ومن جانبه، يقول جورج إبراهيم (بائع في محل حلويات) إنَّه يعمل خلال الشهر الواحد ثلاث كعكات لمثل هذه الحفلات، وإن الأسعار تبدأ من 1000 ريال إلى 4000 ريال حسب المقاس المطلوب؛ لأنها تحتاج لوقت كبير في تجهيزها، وأضاف: إنَّها تصمم حسب رغبة الزبون بشرط ألا تكون مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي. وتقول ريم عبدالعزيز (موظفة حكومية) إن هذه الحفلات دخيلة علينا، ولكنها تؤيد حفلات "توديع العزوبية" إذا كانت مختصرة جدا، وبدون تكلف، وتقتصر على المقربين من الفتاة، ورفضت بشدة "حفلات الطلاق" لأنَّها تنافي عاداتنا وتقاليدنا وديننا. وتخالفها الرأي مضاوي إبراهيم (موظفة حكومية) فهي مع هذه الحفلات؛ وتعتبرها نوعا من التغيير والمشاركة في الفرح، وذكرت مضاوي أنها أقامت "حفلة توديع العزوبية" لإحدى قريباتها في مركز التجميل أثناء تجهيزها. وبدورها ترى مها العجلان (موظفة أهلية) أن بعض المطلقات عانين من عنف الأزواج وساديتهم، واستبدادهم بالرأي، وهمجيتهم، ولذا لا بأس أن تقيم المطلقة (حفلة طلاق) خاصة للتنفيس عما بداخلها. أما نداء فهد (موظفة حكومية) فانتقدت وبشدة هذه الحفلات قائلة إنها حضرت "حفلة طلاق" مبالغ جدا فيها، حيث قامت صاحبة الحفلة بطباعة صورة طليقها على عدد من الصحون ثم قامت بتكسيرها. وتؤيد تغريد إبراهيم (موظفة حكومية) إقامة هذه الحفلات، وتذكر أن قريباتها أقاموا لها "حفلة توديع العزوبية"، وفاجؤوها بإحضار قطة بيضاء، قاموا بزفها بعد تلبيسها للشرعة، في جو احتفالي جميل. من ناحية الذكور، يرى فايز الزامل (موظف حكومي) أن هذه الحفلات لا تقتصر على الفتيات فقط، حيث يقيمها الشبان أيضا، ويذكر أنه أقام هو وأصدقاؤه أكثر من حفلة "لتوديع العزوبية" لعدد من أصدقائه المقبلين على الزواج، حيث قاموا فيها بتقديم الهدايا للعريس. ويرى الزامل أن حفلات (توديع العزوبية) ستعلق بذاكرة العريس طويلا، أما حفلات الطلاق الخاصة بالفتيات فيرى أن المطلقة تحاول من خلالها الخروج من الحزن الذي يسكنها، ونسيان ما مرت به من ألم قبل الطلاق، ولكنه شدد على أن تكون هذه الحفلات غير مكلفة، وفي نطاق ضيّق من الأهل والأصدقاء.