عبدالله رافع الشهري في هذا العالم تعيش المجتمعات المتحضرة تحت سلطة القانون الذي يضمن للمرء ما له وما عليه تجاه مجتمعه لينعم هذا المجتمع بحقوقه وحريته بعيدا عن صخب المشكلات وقلق تفكك المجتمع بناء على لون أو عرق أو غيره. التحرش جريمة بشعة ما انتشرت في مجتمع إلا أفسدته وجعلت منه بيئة خصبة لازدراء الأفراد لبعضهم بعضا واحتقار الآخرين للبعض الآخر، والمجتمعات المتقدمة تنبهت لهذا الخطر الداهم فبدأت بسن قوانين تضع حدا لهذه الممارسات العبثية التي تمارسها فئات منحطة ناقمة على المجتمع. هذه الفئات التي أطلق عليها البعض نعت الذئاب البشرية لا تهدأ حتى تقوم بما اعتادت عليه من انحطاط خلقي وفكري يتمثل في الاعتداء على الآخرين وأذيتهم، حتى وإن كانوا مسالمين منهمكين في أعمالهم ومنشغلين بذواتهم وأمورهم. التحرش جريمة بشعة في المجتمعات المتقدمة التي تخلصت من التفرقة والعنصرية وتقسيم المجتمعات على أسس بائدة لم تقدم لهم على مدار التاريخ سوى الظلام والتخلف فما بالنا بمجتمع محافظ يعيش على وهج السمعة، أليس من الأولى أن يكون هناك قانون للتحرش في هذا المجتمع الذي تُبنى حياة المرء فيه على سمعته وتاريخه؟ وللأسف الشديد نجد أن هناك من يعارض القانون الذي من شأنه أن يصد فئة الانحطاط ويعيدهم إلى بؤرهم مدحورين خاسرين ويعيد الأمن المجتمعي إلى هذه المجتمعات المتوترة والقلقة جراء ما قد يعترضها من خدش للسمعة بتحرش يتعرض له أحد أفرادها في طريق أو سوق. لذلك أرجو مِن مَن بيدهم سلطة القرار في وطني أن يضعوا حدا لهذه الظاهرة المقيتة في الأنظمة والقوانين الرادعة لكل من تسول له نفسه أن يحدث خللا في المجتمع أو أن يشق صف هذا المجتمع المتماسك بممارسات سيئة يمارسها في العلن وأمام الجميع، غير آبه بسلطة أو عقاب، وأقصى ما يناله هو عقوبات رمزية بُرر عدم قساوتها بوضع اللوم على الضحية وكأن هذا المتحرش حيوان لا يستطيع أن يضبط شهوته وانفعالاته، ولهذا فإن أغلب من يعارضون قانون التحرش يلقون باللوم على الضحية وكأن الرجال في مجتمعي حيوانات سائبة يجب أن لا تستفزها بشكل أو آخر لأنها غير مؤهلة للتحكم بتصرفاتها! لذلك أضع سؤالين مهمين يدوران حول معضلة قانون التحرش – فك الله أسره – وموجهين لمن يعارضه وهما: ماذا لو كانت الضحية غير مسلمة ولا يلزمها الحجاب ماذا سيكون مبررهم لكي يبرئوا المتهم؟ والسؤال الثاني يطرح فرضية أن يكون التحرش بالأطفال وهذا واقع في مجتمعنا وليس من نسج الخيال، وما هو المبرر الذي سيطرحونه لتبرئة المجرم ورفض قانون التحرش؟ هل سيقولون بعدم حشمة الطفل أو بعدم خروجه مع محرم مثلا؟ كل هذا لا يستقيم ولا يقبله الشخص الواعي الذي يدرك أنه لا بد من إقرار قانون حازم ضد المتحرش سواء بالنساء أو الأطفال يردعه ويمنعه من أن يمارس تصرفاته غير الأخلاقية التي تضر بالمجتمع أو تجر إلى مصائب تتعلق بأهل تلك الضحية التي قد تأخذ الموضوع على قالب الثأر، وبالتالي فإن العواقب وخيمة إلى حد لا يعلمه إلا الله، ناهيك عن خدش وخرق فاضح لمبادئ مجتمعنا وقيمه القائمة على أسس دينية شريفة وعلى موروث حميد ينتصر للمظلوم ويعاقب المعتدي. أتمنى من كل حر شريف أن يعيد تقييمه لموضوع قانون التحرش ويفكر بعمق بعيدا عن كل حزبية تؤطر أفكاره وتجعله محدودا ومجبرا على مواقف معينة تبعا لفلان أو علان.