المجتمع الإسلامي مجتمع مترابط، وكلما ضعف الجانب الديني في الناس، كلما خف ترابط المجتمع. ومن المظاهر الطيبة التي لا تزال باقية، ويخشى عليها الاندثار، اجتماع العيد بين جماعة المسجد، وذلك بعد صلاة عيد الفطر؛ لتهنئة بعضهم بعضا بالعيد المبارك، وتناول طعام العيد، مما له أثر كبير في صلة الجيران فيما بينهم، فيسألون عن أحوال بعضهم، ويتبادلون التهاني، المصحوبة بالدعاء، بأن يتقبل الله منهم الصيام والقيام وصالح الأعمال. إن التعارف بين الجيران، وزيادة الترابط بينهم مقصد مهم من مقاصد الشريعة، ذلك أن الجار قد يحتاج إلى معونة جاره، لظرف من الظروف، فإذا كان الجار لا يعرف جاره فهل سيمد يد العون إليه؟ قبل عقود من الزمن كان الجيران كالأهل، فإذا غاب أحدهم فقده جيرانه فسألوا عنه، فإذا علموا بمرضه عادوه، وإذا علموا أنه مسافر حرصوا على بيته أن لا يدخله غريب؛ خشية سرقته. ومن صور الترابط بين الجيران ذلك الزمن، والتي تكاد أن تندثر تماما، أنه في حال إقامة أحد الجيران مناسبة زواج أو نحوها، فإن الجيران يتكاتفون مع جارهم، فمنهم من يعينه بالفرش، ومنهم من يفتح بيته ليستقبل فيه ضيوف جاره من الرجال، ومنهم من يخدم الضيوف بتقديم القهوة لهم، ومنهم من يعين جاره بالأواني التي يحتاجها، إلى غير ذلك، في زمن مضى ذهبَ بطيبه وعبقه وترابطه المنقطع النظير. والآن يتمثل هذا الترابط في اجتماع العيد لجماعة المسجد؛ خصوصا إذا كانوا يتعاونون في فرش مكان الاجتماع، وتوفير الماء والقهوة والشاي، ومشاركة كل أسرةٍ بطعام عيدها، في ترابطٍ يعيد للأذهان صورة من صور ترابط الجيران في جيل الآباء والأجداد. ومن هنا أدعو كل جماعة مسجد أن يحرصوا ويجتهدوا في إحياء هذه العادة الطيبة التي تزيد جماعة المسجد ألفة ومحبة وقربا، مع احتساب الأجر من الله في ذلك. إضاءة: حق الجار على جاره كبير، فليصل كل منا جاره، وليتفاعل مع جيرانه فيما فيه خير ومصلحة بين جامعة المسجد، فالجار المسلم له حقان، حق الجوار وحق الإسلام، والجار غير المسلم، له حق واحد وهو حق الجوار، والجار المسلم من ذوي القرابة، له ثلاثة حقوق، حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام، فاحفظ لكل ذي حق حقه.