نجحت حورية غندورة سيدة في العقد السادس من العمر في إعادة الهوية التراثية لجدة القديمة قبل هدم سورها العتيق في 1947، وذلك بأعمال حرفية يدوية تركز فيها على التفاصيل لمحاولة تنشيط ذاكرة المجتمع المحلي. وتبرر حورية إسهاماتها بجناح "بارع" ضمن فعاليات النسخة الثانية من "رمضاننا كدا" برواشين بيوت المنطقة التاريخية العريقة بالقول "ولجت منذ ثمان سنوات تقريبا هذا القطاع لتعريف الناس بأيام زمان، ولكن عبر الهوية التراثية، وحرفتي تركز على ثقافة المنطقة من باب إعادة صياغة تراث جدة وجمالية ما يحويه من تفاصيل". تتذكر السيدة حورية التي عاشت في المنطقة قبل 55 عاما بحي البلد العريق، وتحاول أن تستمد من ذلك التاريخ محاولاتها لإعادة ذلك المشهد للجيل الجديد من أبنائها وأحفادها، عبر أسلوب حرفي يغني عن آلاف الكلمات، وهي تقدم منحوتات يدوية وغير يدوية، لكن اللافت وهي تسرد قصة كفاحها من أجل التراث، أنها لا تملك إلا الشهادة الابتدائية ورغم ذلك استطاعت فعليا أن تعيد صياغة المشهد التراثي من نافذة تعلقها وشغفها بتاريخ المنطقة. حورية وفريق عملها لا يستخدمون في صناعة الأعمال الخشبية التراثية أي تقنيات حديثة كليزر النحت على سبيل المثال، وهدفهم من ذلك إعطاء أعمالهم هوية تراثية حقيقية، تعطي الجانب الجمالي الأهمية الكبرى. وشاركت حورية في مهرجانات تراثية خارجية برفقة الهيئة العامة للسياحة والآثار في الإمارات والكويت. ويعد "بارع" مشروع وطني لتنمية وتطوير الحرف والصناعات اليدوية، ويتبع هيئة السياحة، ويعنى بتنمية الحرف وهو مشروع اقتصادي بالدرجة الأولى إضافة إلى أهميته الثقافية والاجتماعية. وأكد المشرف الإداري على جناح بارع في الفعاليات علي محمد صالح أهمية تعلم الحرف اليدوية، باعتبارها من ثوابت التراث الشعبي المخزن في الذاكرة، وذكر أن اهتمام الجهات الرسمية بالمهارات اليدوية، يعود إلى كونها أضحت بابا من أبواب الرزق للأسر المنتجة. كما ذهب إلى أن الإقبال النسائي على البرامج الحرفية أكثر من إقبال الرجال، مرجعا ذلك إلى تفرغ الإناث ورغبتهن الكبيرة في الانخراط في برامج التنمية الحرفية. الحرفية فاطمة المتواجدة ضمن جناح "بارع" استطاعت أن تحول شغفها للبحر، كونها تعيش مع أسرتها التي تقطن بالقرب منه وتتردد عليه بشكل مستمر إلى لوحات تشكيلية تدر عليها دخلا ماديا جيدا، واستطاعت إمتاع أنظار الزائرين بفنها التشكيلي الذي تنتقل فيه من مدرسة تشكيلية إلى أخرى بحسب مسار اللوحة التي سترسمها. ووفرت هيئة السياحة في فعاليات "رمضاننا كدا 2"، عشرة محال تختص بالحرف اليدوية، على أن تستبدل الحرف المشاركة كل أربعة أيام بحرفيات جدد، حتى يتاح لجميع النساء تقديم منتجاتهن لزوار المنطقة التاريخية.