دائما نقول إن أولى خطوات الحل هي الاعتراف بالمشكلة، والإعلام هو المكان المناسب لعرض مشاكلنا حتى نستطيع أن نحصل على أكبر قدر من النقاش والتحليل والاستنتاج وتنتهي هنا كل مشكلة. ليس من واجب الإعلام المدح وذكر المحاسن، نحن في الإعلام ننتقد لنبلغ الكمال، الإعلام حين يُوظف كسلطة رابعة تراقب الحكومة والمجتمع وتنتقد كل سلبية فيهما، فهي في حقيقة الأمر تمارس دورها الذي وجدت على أساسه. الإعلام هو عين ولي الأمر، والمسؤول الغيور الذي ينشد الكمال والنجاح والتميز في إدارته. الإعلام هو مرآة للمجتمع، ويكون إعلاما صحيا ومسؤولا إذا كان مرآة لأخطاء هذا المجتمع، الإعلام هو الرقيب الحقيقي في دول العالم الأول. دول العالم الأول لا يوجد بها ديوان مراقبة عامة، وديوان رقابة وتحقيق، وهيئة مكافحة فساد، ومباحث إدارية، ومجلس شورى. دول العالم الأول تتمتع بحرية رأي في الإعلام وتمنع الفساد بكل صوره، تمنع غلاء الأسعار، تمنع أي فئة فكرية أن تمارس وصاية على المجتمع، وتفضح أي مشكلة أخلاقية متفشية تهدد الأخلاق والقيم، حتى يستطيع المجتمع أن يعي ويفكر ويناقش ويحل مشاكله بنفسه. إن ما نراه في الإعلام من مظاهر سلبية للمجتمع اليوم هو صورة حقيقية لنا يجب أن نقبل بها ونواجهها ونحلها، ليس الحل في إنكارها ولا انتقاد من يصور لنا أنفسنا في التلفزيون والصحافة، الحل أن نناقش مشاكلنا ونتوصل إلى الحلول، ونصلح أنفسنا، ويدا بيد سنغير كل واقع سيئ. هذا التشنج الحاصل واللغط أكبر دليل على أننا لم نصل مرحلة تتحمل أي فكر مخالف عما نحب. هذه المعارضة التي واجهها ناصر القصبي في مسلسل "سيلفي" نتيجة خطاب أحادي دام سنين؛ لن نخرج منها حتى تهتز هذه القناعات وتزداد هذه الأفكار المختلفة. لا قدسية لأحد في هذا الزمن. انتقاد الأشخاص والأفكار لا يعني انتقاد الدين. كيف يمكن اختزال دين محمد صلى الله عليه وسلم في شخصية هذا أو ذاك؟، ولو كان هناك من يلبس عباءة الدين ويقوم بتصرفات تسيء إلى الدين فحري بنا انتقاده وفضحه وتقويمه. القصبي حتى اليوم وظف الدراما لنقد ظواهر اجتماعية سلبية موجودة في المجتمع، إضافة إلى نقد جهات حكومية لم تؤد دورها بالشكل المنشود. كل ما تحدث عنه هو واقع نعيشه كل يوم، ولكننا آثرنا السكوت عنه، إما لعدم الجرأة أو أننا اعتدنا على هذا الواقع حتى بات جزءا من الثقافة المحلية المقبولة على مضض. مواجهة المشاكل الخدمية والاجتماعية والاعتراف بوجودها أفضل على المدى البعيد من كتمها وإنكارها والهروب من مواجهتها، وكلما زاد النقاش والحوار حول قضية معينة فإن هذا يساعد على رؤية القضية من كل جوانبها، وهكذا تأتي الحلول والمعالجات التي تصلح الوطن والمواطن.