طالب رئيس الجمعية التركية العربية للعلوم و الثقافة والفنون (تاسكا) الدكتور محمد العادل، بتفعيل الشراكة الثقافية والعلمية والمدنية بين الأتراك والعرب. جاء ذلك خلال ختام أعمال ندوة في مدينة إسطنبول يومي 22 و 23 سبتمبر الماضيين حملت عنوان "دور النخب في تنمية الشراكة التركية العربية"، والتي نظمتها الجمعية بمشاركة مجموعة من الباحثين والإعلاميين العرب والأتراك وعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية العربية لدى تركيا، وتناولت الندوة محاور متعددة أبرزها دور المجتمع المدني و الإعلام و الثقافة الفنون والمؤسسات الأكاديمية والبحثية في تنمية الشراكة العربية التركية. وقال العادل ل"الوطن": "هناك تقدم على المستويين السياسي والاقتصادي، إلا أن الجانب الثقافي والعلمي والمدني لم يحظ باهتمام كبير من الجانبين رغم أن الأرضية أصبحت مهيّأة لتعاون كبير في هذه المجالات عقب توقيع تركيا على اتفاقيات تعاون ثقافي شاملة مع مختلف البلدان العربية، مؤكدا على ضرورة تفعيل الحضور العربي السياسي و الثقافي و الاقتصادي و ترشيده، لافتا النظر إلى أهمية توجيه المستثمرين العرب إلى الاستثمار داخل تركيا في القطاعات الإستراتيجية والحيوية مثل الإعلام والتعليم والطاقة وغيرها"، مضيفاً أن تلك الشراكة أضحت مستهدفة من قبل الدوائر الصهيونية و الغربية- على حد وصفه-، ودعا إلى: "العمل على تحصين الشراكة والتقدم بها من خلال تنمية التعاون العلمي والثقافي والإعلامي بين العرب والأتراك، مشيرا إلى أن القلق الإسرائيلي والغربي من تعاظم الدور الإقليمي لتركيا في المنطقة والخشية من أن يتطوّر التعاون العربي التركي إلى تحالف حقيقي بين العرب والأتراك جعل اللوبي الصهيوني في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي يحشدون قواهم لقطع الطريق أمام مسيرة تلك العلاقات". لوبي عربي فاعل من جهتها دعت أستاذة الإعلام في جامعة عين شمس في مصر الدكتورة حنان يوسف، إلى أهمية توجيه الخطاب الإعلامي في الجانبين العربي والتركي ليكون مساندا لمسيرة التعاون بين العرب والأتراك، مشيرة إلى أهمية دور الإعلام في تغيير الصورة النمطية لكل طرف لدى الآخر وبناء مؤسسات إعلامية مشتركة لتنمية التعاون الإعلامي المباشر، مشيدة بمبادرة تركيا لإنشاء قناة تركية ناطقة باللغة العربية، موضحة أن الفرصة سانحة أيضا أمام العرب لمخاطبة الأتراك بلغتهم من خلال إنشاء قناة عربية ناطقة باللغة التركية التي ستخاطب كل العالم التركي (يزيد عن 300 مليون نسمة) وليس الجمهورية التركية فقط. الفرصة السانحة وأكد الأكاديمي في جامعة إسطنبول رئيس مركز بحوث الشرقيات الدكتور عابد يشار، على أهمية دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في بناء الشراكة المنشودة التي تحقق المزيد من التآخي بين الشعبين العربي و التركي، و قال :"إنّ من أبرز أدوات تنمية التعاون العلمي هو تنشيط حركة الترجمة من اللغتين العربية والتركية، والعمل على تبادل الوفود العلمية والبحثية بين الجانبين"، معربا عن أسفه لعدم تفاعل عدد من الجامعات العربية مع مبادرات قامت بها الجامعات التركية لاسيما من أجل دعم أقسام اللغة العربية في الجامعات التركية ومطالبتها بابتعاث الأساتذة والباحثين ومساعدة الطلبة الأتراك وتشجيعهم على دراسة اللغة والآداب العربية في الجامعات العربية". الشأن العربي في الإعلام التركي وكان رئيس تحرير مجلة المغرب الموحدة في تونس عبد اللطيف الفوراتي، دعا خلال الندوة إلى "ضرورة العمل على تفعيل التعاون بين هيئات ونقابات الصحفيين العرب والأتراك، مشيرا إلى غياب الإعلاميين الأتراك عن الساحة العربية كمراسلين ومتابعين للشأن العربي لنقل الصورة الحقيقة للإعلام التركي"، معتبرا أن هذا الأمر هو السبب المباشر في غياب الشأن العربي عموما في وسائل الإعلام التركية، وشدّد الفوراتي على أهمية تنشيط التعاون في مجال التدريب الإعلامي بين العرب والأتراك والاستفادة من التجارب لدى الجانبين. العقل العربي والتركي وشدد نائب رئيس تحرير صحيفة النهار في دولة الكويت رضا الفيلي، على أهمية تنشيط أدوات الحوار بين العقل العربي والعقل التركي من خلال تفعيل دور بيوتات صناعة الرأي ومراكز الدراسات الإستراتيجية في الجانبين التركي والعربي، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام العربي بقراءة التحولات التي تشهدها الساحة التركية بشكل عميق يساعد القرار السياسي العربي على فهم المبادرات التركية وأهدافها والتعاطي معها بما يحقق المصالح المشتركة.