أكد رئيس نادي الأحساء الأدبي عميد كلية الآداب في جامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور ظافر الشهري أن للأماكن في القصائد الشعرية أهمية كبيرة في الدراسات النقدية، لأن الشاعر عندما يقول شعره يرتبط ارتباطا وثيقا بالمكان، وقصائد العرب في العصر القديم في أحيان كثيرة تبدأ بالمكان، وللأماكن في القصيدة الشعرية دلالات واسعة في وعي الشاعر والمتلقي على حد سواء. وأضاف الشهري، خلال كلمته في مستهل المسامرة الثقافية التي حملت عنوان "الأماكن في شعر الشاعر علي ابن المقرب العيوني"، قدمها الباحث والأديب سلمان الجمل مساء أول من أمس في خيمة "ابن المقرب" في نادي أدبي الأحساء وقال: إن للأماكن دلالات تأتي من خلال ما يربط الشاعر بالمكان من ذكريات وأحداث سارة ومؤلمة وهي طبيعة الحياة، والشعر في حقيقته هو بوح الذات، لذا ينطلق معظم الشعراء في مضامين وأفكار وصور قصائدهم الشعرية من تجربة ذاتية وحدث داخلي، وفيها يرتبط الشاعر بموضوع القصيدة فيبدع في قصيدته. وأبان أن الشاعر علي ابن المقرب العيوني من الشعراء الذين عاشوا في القرن السابع الهجري وهو رمز كبير على صفحة تراثنا الشعري، فشعره لوحات تاريخية ونفسية وأدبية في تجارب متنوعة في الحكم والبوح والشكوى والعتاب والفخر. واستلهم نادي الأحساء الأدبي هذه الشخصية الكبيرة في الشعر العربي عندما استحضره في إطلاق مسمى هذه الخيمة ب"خيمة ابن المقرب الثقافية". وبدوره، استعرض الجمل خلال المسامرة التي أدارها عضو إدارة النادي الشاعر صالح الحربي حزمة من الأبيات الشعرية للشاعر ابن المقرب العيوني، تشير إلى عدد من المواقع داخل الأحساء، وتثبت تلك الأبيات أن الأماكن لها في حياة الإنسان ذكريات، وأن الأحساء في فترة إقامته فيها كانت واحة جميلة ومليئة بالمياه والأنهار علاوة على طيب هوائها، لافتا إلى أن أبياته الشعرية هي بمثابة الوثيقة الجغرافية لعدد من المواقع في الأحساء التي هي موطنه، مؤكدا أنه لا خلط بين الشاعرين علي ابن المقرب "اللذين يحملان نفس المسمى" والفارق الزمني بينهما قرابة خمسة قرون، إذ أننا نقصد في هذه المسامرة هو الشاعر علي ابن المقرب العيوني الذي عاش في القرن السابع الهجري ولديه إنتاج أدبي كبير، فقصائده تحمل أبيات شعرية ذات دلالات واضحة وجلية أنها في القرن السابع الهجري، بينما الشاعر الآخر الذي حمل نفس المسمى فعاش في القرن الثاني عشر الهجري وإنتاجه الشعري محدود جدا. وعزا تأكيده بأن الشاعر ابن المقرب العيوني هاجر من العيون التابعة للأحساء إلى منطقة تعرف باسم "طيوي" في سلطنة عمان بعد تعرضه للمضايقات في الأحساء، وهناك استقر حتى توفي ودفن فيها، إلى أنه شخصيا زار منطقة "طيوي" قبل سنوات عدة، والتقى بمجموعة من العمانيين في هذه المنطقة، وأكدوا له ذلك، علاوة على وجود تقارب كبير بين بعض الحكايات الشعبية والأساطير المتداولة بين الناس في "طيوي" والمتداولة بين الأهالي في مدينة العيون بالأحساء حاليا. وفي ختام المسامرة، تعهد الشهري بطباعة وإخراج هذا البحث مطالبا الباحث بتنقيحه وتحويله إلى كتاب.