قديما كان أهم أركان الحرب هو الجيش، وكي تنتصر لا بد أن تمتلك أكثر عدد من الجنود والقادة، وأتينا إلى عصر التقنية وشهد القرن الحادي والعشرون طفرة معلوماتية هائلة جعلتنا نتنقل بين دول العالم بهاتف واحد. تغيرت أشكال الحرب من السيوف إلى المدافع إلى الدبابات وإلى الطائرات ثم القنابل النووية حتى وصلنا إلى مرحلة الحرب الإعلامية والإلكترونية! التي لا يخفى على أحد قوتها التدميرية للعقول الناشئة، فأهم حلقة وصل بين المواطن وحكومته هي الثقة، لذلك يلعب الأعداء على زعزعتها. جميعنا نعلم ما حدث لموقع وزارة الخارجية في أوائل شعبان الماضي من اختراق لمراسلات سرية واعتيادية، والآن تبدأ مرحلة النشر في وقت يبحث فيه الأعداء عن تفريقنا ثم تدميرنا، جميعنا نعلم كيف لدولتنا أهمية تاريخية وعالمية وإقليمية وحتى جغرافية، وكيف للأعداء أهداف كي تضعف وتسقط، من هنا أتت الحرب الإعلامية والإلكترونية، تحاول غزو عقول المواطنين ولن تنجح، وكيف نؤمن حقيقة وثائق مقارنة بكيفية الحياز عليها؟ كَدَأب البعض على كتابة أسطر عدة حقيقة ثم إدخال الكذب بينها، وكيف تثقون عدم وجود المزور؟ لأن هدف المسرب زعزعة كيان، لذلك كان بيان الوزارة واضحا ومختصرا في عدم تصديق أي بيانات ووثائق، لأنها أدركت أن عملية التزوير آتية لا محالة بعد تسريب عدد من الوثائق الاعتيادية لكسب الثقة يبدأ بعدها المزور لهدم "ثقة". لم يعلموا أن المواطن رجل الأمن الأول، قيل قديما من الأمير نايف رحمه الله، ورسخت في الأذهان، لذا حري بِنَا الإسهام في أمن بلادنا، فالأمن عملية مشتركة، والأهم الأمن الإلكتروني والمعلوماتي، لذلك يجب الانتباه لتحصين مواقع وزاراتنا من الهجمات التخريبية، ونملك العقول اللازمة لذلك، ولا نحتاج إلى خبرات خارجية، فقط لثقة واهتمام، وما أجمل أن يحمي وزاراتنا مواطن.