أعاد افتتاح الجامع العتيق "مسجد الشافعي" في جدة التاريخية الثلاثاء الماضي بعد ترميمه على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله-، إلى الأذهان ولواجهة المشهد الآثاري زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمسجد الشافعي أثناء زيارته لجدة التاريخية في رمضان من العام الماضي 1435، حيث وقف على مشروع الترميم واستمع إلى شرح من رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز عن المسجد وأعمال الترميم الجارية فيه. وحظي مشروع ترميم المسجد العتيق "مسجد الشافعي" باهتمام ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في إطار اهتمامه بالمواقع التاريخية بشكل عام والمساجد التاريخية بشكل خاص. ويعد ترميم المسجد العتيق أحد مشاريع البرنامج الوطني للعناية بالمساجد التاريخية الذي تنفذه مؤسسة التراث الخيرية، بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والهيئة العامة للسياحة والآثار. وأعلن عن مشروع ترميم "مسجد الشافعي" أثناء زيارة رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز لجدة التاريخية على هامش فعاليات ملتقى التراث العمراني الأول مطلع عام 1433 بجدة، حيث أعلن أن الملك عبدالله تبنى ترميم أول مسجد تاريخي في جدة التاريخية وهو الجامع العتيق "مسجد الشافعي". وبدأ مشروع ترميم المسجد قبل ثلاثة أعوام، من خلال مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للأعمال الإنسانية. تولت تنفيذ المشروع شركة المنشآت التراثية "تراثية" بإشراف من أمانة جدة التي قدمت الدعم الفني واللوجستي للمشروع، والهيئة العامة للسياحة والآثار، وشملت أعمال المشروع ترميم الأعمدة والأسقف الخشبية والجدران والمنارة، إضافة إلى ترميم الزخارف الجصية والخشبية والمحراب، وإبراز العناصر المخفية نتيجة الترميمات السابقة مثل الفتحات والنوافذ على الجدران الخارجية، مع إزالة التشوهات والتلبيس القديم المتهالك للجدران. وشمل المشروع رصف الأرضيات بالبلاط والتكسيات المناسبة، وإزالة المحال التجارية الملاصقة لحائط المسجد الجنوبي، وإنشاء حمامات حديثة وتأهيل شبكة الصرف الصحي والمياه، وتنفيذ شبكة تكييف حديثة.وكان الأمير سلطان بن سلمان مؤسس ورئيس مؤسسة التراث الخيرية أعلن في كلمته في حفل افتتاح حي البجيري بالدرعية التاريخية يوم 20 جمادى الآخرة 1436 عن موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على رعاية برنامج خاص للعناية بالمساجد التاريخية في محيط مشروع الدرعية التاريخية الذي يشمل ترميم 34 مسجدا تاريخيا تنفذه الهيئة العامة للسياحة والآثار ووزارة الشؤون الإسلامية والهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض ومؤسسة التراث الخيرية. إلى ذلك، تشهد جدة التاريخية حراكا في ترميم عدد من المساجد التاريخية وفقا للاتفاقية الموقعة مع وزارة الشؤون الإسلامية. ويستهدف البرنامج ترميم وتأهيل 36 مسجدا منها 28 مسجدا في جدة التاريخية وثمانية مساجد في المنطقة المحيطة بها.وكانت الهيئة العامة للسياحة والآثار وقعت اتفاقية تعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ومؤسسة التراث الخيرية، يوم السبت 26/ 5/ 1433 في مقر الهيئة بالرياض، للحفاظ على مباني المساجد العتيقة ومباني الأوقاف التراثية. وتتضمن الاتفاقية تفعيل التعاون والتنسيق بين الطرفين للمحافظة على المساجد العتيقة، وفتحها للمصلين، والتنسيق بين الجانبين عند تجديد أو ترميم أو صيانة المساجد العتيقة والمباني التراثية الوقفية عند إعادة بنائها بمواد حديثة لإعطائها الطابع المعماري الذي يعكس تاريخها وهويتها المعمارية الأصيلة. ويمثل البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة أحد أبرز البرامج القائمة والفاعلة في حماية التراث العمراني، من خلال ما يشهده من مشاريع يجري تنفيذها حاليا في مختلف مناطق المملكة بهدف الحفاظ على المساجد التاريخية. سلطان بن سلمان.. منبع الفكرة ورؤيتها تعود فكرة إطلاق البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة إلى رؤية قدمها الأمير سلطان بن سلمان، بالتعاون مع وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، إلى الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، الذي وافق على رعاية برنامج العناية بالمساجد وإعادة بنائها وترميمها وتوثيق تاريخها، وذلك في 16 صفر سنة 1418، وقدم دعما للمرحلة الأولى من البرنامج بمبلغ مليوني ريال، تم تخصيصها لمسح المساجد المرصودة، وصدر توجيه بعد نجاح البرنامج في ترميم عدد من المساجد؛ بإهداء ما تم إنجازه إلى الوزارة، وتسمية البرنامج ب"البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة". ويشمل نطاق العمل حصر المساجد المعنية، ووضع خطة علمية لتوثيقها، وترميمها بالطريقة التي تضمن المحافظة على طابعها العمراني، كما يشمل العمل وضع برنامج زمني، وموازنة تقديرية لترميم المساجد التي تم حصرها، وتأهيلها وإعادة بناء بعضها، إضافة إلى وضع تصور حول إنشاء وقف استثماري يدعم ما تحتاج إليه المساجد من صيانة مستقبلا. وعملت مؤسسة التراث الخيرية مع وزارة الشؤون الإسلامية منذ أكثر من 27 عاما في حصر المساجد التاريخية وإنجاز الدراسات التطويرية لهذه المساجد.