غضب كبير يشعر به سكان العاصمة اليمنية صنعاء، عقب اكتشافهم أن الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح حول مدينتهم إلى ما يشبه برميل البارود، نتيجة لتخزينه كميات ضخمة من السلاح في الجبال المحيطة بها، دون مراعاة لما قد يشكله ذلك من مخاطر كبيرة على المدنيين وأرواحهم. ومع توالي الضربات التي توجهها طائرات التحالف الذي تقوده المملكة إلى مخازن السلاح في جبال نقم وفج عطان، تأكد السكان المدنيون أنهم كانوا ضحايا لمخطط دأب المخلوع على تنفيذه طيلة فترة حكمه التي استمرت 33 عاما، كان يشتري فيها الأسلحة بكميات ضخمة، ويقوم بتخبئتها في الجبال المحيطة بالمدينة. وبات المواطنون يلتفتون بطريقة لا إرادية، عند سماعهم لأي أصوات انفجارات، صوب الجنوب الغربي لمدينتهم، حيث يقع "جبل عطّان"، الهدف المعتاد لكثير من الغارات الجوية. وما لم تكن الغارات قد استهدفته، يلتفتون شرقاً للتأكد مما إذا كانت قد وقعت في جبل "نقم"، المستهدف هو الآخر، بشكل متكرر، من التحالف. ومنذ بدء غارات التحالف العشري، صارت جبال صنعاء، وهذان الجبلان على وجه التحديد، محور حديث واهتمام الكثير من اليمنيين، بعد تحولها إلى مصدر للرعب. وقبل الحرب الحالية، كان جبل عطان يعرف بوجود منتجع سياحي ومناطق سكنية في الجهة المطلة على العاصمة، فضلاً عن وجود مشروع مدينة سكنية ضخمة، لم يكتمل بناؤها، تتكون من عدد من المباني، تُعرف ب"تلال الريان" وتقع في إحدى تلال الجبل. إلا أنه منذ بدء عمليات التحالف، تحول عطّان إلى أحد أشهر المواقع المستهدفة من الطائرات. حيث أكدت معلومات استخبارية موثوقة أنه يضم مخازن كثيرة للصواريخ والأسلحة، وبدأت الطائرات تستهدفه بالغارات المتواصلة، حيث شهد الانفجار الأضخم الذي عرفته صنعاء، في العشرين من الشهر الماضي، ونجم عنه مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا ونحو 200 جريح، أغلبهم بالشظايا. كما تهدمت كثير من المنازل وتحطم زجاج مئات المنازل والمحال التجارية في كثير من الأحياء القريبة. ويومها عرف سكان صنعاء الحقيقة التي ظلت مخفية عنهم لسنوات طويلة، وأدركوا أنهم كانوا ينامون على فوهة بركان. ولم تكتف طائرات التحالف بذلك التفجير فقط، بل بات الجبل هدفا لغارات كثيرة، استهدفت قاعدة الصواريخ، وباتت هدفا شبه يومي، وأعلنت قيادة التحالف – رغم إعلان انتهاء عاصفة الحزم – أنها سوف تواصل تدمير ترسانة الصواريخ التي يمتلكها الحوثيون وحليفهم المخلوع، علي عبدالله صالح، وهو ما حدث بالفعل ويتواصل في الوقت الحالي. ويرى محللون سياسيون أن اتجاه المخلوع صالح إلى تكديس هذه الأسلحة الخطيرة في الجبال، وإخفائها حتى عن أعين قيادة الجيش له أكثر من مدلول، في مقدمتها استهتاره بحياة المدنيين، وعدم اهتمامه بسلامتهم، نظراً لأن هذه الأسلحة تحتاج إلى مستودعات بمواصفات هندسية خاصة، لا يبدو أن المخلوع اهتم بتوفيرها. كما أن لجوء صالح إلى تكديس هذه الأسلحة خارج منظومة المستودعات الرسمية لوزارة الدفاع يعني أنه كان يخطط لاستخدامها ضد الشعب، في حالة الثورة عليه، وأنه أباح لنفسه الاستيلاء عليها، وتوجيهها حسب رغبته، مع أنها جلبت بأموال الشعب. وهو ما يؤكد أن المخلوع تعمد تشكيل الجيش على أسس عرقية ومناطقية، ليضمن استخدامه لتحقيق أهداف خاصة به، في مقدمتها حمايته هو وأسرته، لذلك أتى بموالين له، وضعهم على قمة الأجهزة العسكرية، رغم وجود آخرين أكثر منهم كفاءة وقدرة. وبلغت الجرأة بصالح حد التصريح بأنه سوف يستخدم الجيش ضد كل من يثور عليه، ما استحق معه لقب "الجيش العائلي". إلا أن المحللين أكدوا أن رجال القوات المسلحة لا يزالون يؤمنون بقضية وطنهم، وضرورة تخليصه من الطاغية الذي جثم على صدر شعبه طيلة 33 عاماً، أذاقه فيها الويلات، ونهب مقدراته وأمواله، وهم قادرون على إعادة تشكيل الجيش على أسس وطنية ومهنية، بعيدا عن أي حسابات أخرى، وأنهم بدأوا الآن خطوات فعلية في هذا الاتجاه، بقيادة رئيس هيئة الأركان، اللواء محمد المقدشي، الذي بذل جهودا كبيرة منذ تعيينه، وحقق تقدما كبيرا في جبهات القتال، آخرها طرد المتمردين من محافظة الضالع بالكامل، إضافة إلى فتح جبهات جديدة للمقاومة في الجوف وصعدة ومأرب.