يشكل السفر إلى إيران بالنسبة للأندية السعودية صداعا مزمنا خلال السنوات الماضية نظير سوء التعامل والإجراءات التي تتم بمطاراتها وخلال فترة الإقامة وحتى العودة مجددا لأرض الوطن، ما شكل متاعب ومشقة للأندية السعودية التي تشارك فرقها الكروية في مباريات دوري أبطال آسيا. ولا تخلو مدرجات الملاعب الإيرانية من الشعارات السياسية والمذهبية وحتى الهتافات بأقذع الألفاظ وترديدها أثناء المباريات، وهي مخالفة واضحة وصريحة يحذر من الوقوع في شباكها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بل إن شعاره المعتمد في بطولاته الرسمية هو "الاحترام" بكل فئاته وينبذ بشدة العنصرية والمذهبية ويحارب الكراهية بشتى أنواعها، بينما يقابل ذلك صمت مطبق من قبل الاتحاد الآسيوي، الذي يقف موقف المتفرج على ما تتعرض له الأندية السعودية هناك، دون أبسط إجراء. ومن المظاهر السيئة التي تواجهها البعثات السعودية تعقيد إجراءات الدخول في المطار وتمديدها لساعات طويلة، في محاولة يائسة ل"التطفيش" و"الاستفزاز"، فضلاً عن التفتيش الذاتي الذي يأخذ وقتا أطول لبعثة تضم قرابة 35 فردا وربما يزيدون مما يعقد الأمور أكثر، في حين يلجأ بعض المشجعين الإيرانيين إلى تعمد افتعال الإزعاج خارج مقر إقامتها بالفنادق وهي إحدى طرق الاستفزاز التي يقف عليها مسؤولو السفارة السعودية بالتدخل وإيقافها حسب النظام المتبع هناك. وخلال المباريات تبدو مدرجات الملاعب وكأنها ساحات للنزاعات السياسية من خلال رفع الصور المعادية والشعارات المذهبية والهتافات المسيئة المنددة للضيوف في مشهد يثير الدهشة في مدرجات كرة القدم المفترض ألّا تخرج عن إطارها المعهود. وعلى الرغم من كل ذلك تنتظر الأندية السعودية تحركات الاتحاد الآسيوي للوقوف أمام كل ما يحدث ويتكرر هناك، والضغط عليه أكثر باتخاذ الإجراءات اللازمة بفرض العقوبات التي ربما تصل إلى حرمان الأندية الإيرانية من المشاركة في النسخ المقبلة للمسابقة. خلط الأوراق وروى رئيس بعثة النادي الأهلي التي تواجدت في طهران الأربعاء الماضي لخوض مواجهة نفط طهران ضمن ذهاب دور 16 من دوري أبطال آسيا، عبدالله بترجي ل"الوطن"، كثيرا من ذلك، لاسيما ترديد الجماهير الإيرانية ألفاظا سياسية ضد قادة المملكة، وخلطها بين السياسة وكرة القدم، وقال: "أوضحنا للجماهير أننا لا نحمل أي أمور دينية أو سياسية، إنما نأتي نلعب كرة قدم فقط، فنحن رياضيون، ونستطيع أن نرد لكم بالمثل في المملكة، لكننا ننأى بأنفسنا عن مثل هذه التصرفات القبيحة". وتابع: "طلبنا سيارة شرطة ترافق سيارة نقل المستلزمات الرياضية ومنها كرات القدم، وطالبنا بعدم التحرك إذا لم تكن سيارة الشرطة أمامها، وهناك تقصير آخر، فمن المفترض أن ترافق سيارات البعثة دوريات أمنية، وخصوصا حين عودتنا للمطار، إلا أنه لم يرافقنا سوى سيارة واحدة والمفترض أن تكون أكثر من ذلك، للأسف هذا ما حصل مع بعثة الفريق قبل مواجهة تراكتور في دور المجموعات، والتي تعرضت حينها إلى حادث متعمد والحمد لله على سلامتهم، وكان حادث شنيع بحسب كلام الإخوان في السفارة". وأفصح عن أن هناك جماهير حاولت التعدي على بعثة فريقه قبل مواجهة نفط، بشهادة السفارة السعودية، وأنهم رفعوا مذكرة بشأنها وأبلغوا مراقب المباراة بذلك، منوها أن ملعب التدريب كان بعيدا عن السكن. وأشار أنه ليس بأيديهم كقائمين على الفريق سوى مخاطبة الاتحاد السعودي وهو بدوره يقوم بمخاطبة نظيره الآسيوي، مطالبا أن يكون تواجد مندوبي ومراقبي الاتحاد القاري قبل تواجد الفرق السعودية في إيران، وإجبار الاتحاد الإيراني على حضور عضو للمطار لمشاهدة ما يحصل. مأساة ومعاناة من جانبه، تحدث رئيس بعثة الهلال إلى طهران سامي أبو خضير عمّا واجهته بعثة فريقه أثناء مباراة الهلال أمام مضيفه الإيراني بيروزي ضمن ذهاب دور ال16 لدوري الأبطال الآسيوي، ووصف ما تتعرض له الأندية السعودية في إيران ب"المأساة"، وقال: "نتمنى من الاتحاد السعودي أن يكون له موقف وتحرك، فالمأساة أزلية والأحداث التي تحدث في ملاعب إيران تتكرر، حيث نواجه رميا بالحجارة وآلات حادة "حديد" وهتافات منافية للآداب العامة، وحتى مراقب المباراة لم يسلم وتلقى مقذوفة "بطارية" على وجهه ونأمل أنه دون كل ذلك ورفعها للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وبالمناسبة إيران غير مؤهلة للعب كرة القدم نهائياً". افتقاد الأمن بدوره، أكد عضو الاتحاد السعودي المفوض بمرافقة بعثتي الهلال والأهلي صلاح السقا، أن بعثتي الناديين كانتا تفتقدان للأمن الكافي خاصة خلال تنقلاتها في العاصمة الإيرانية من مقر الإقامة وصولا للملعب أو للمطار، وقال: "الأمن غير كافٍ بوجود سيارة شرطة واحدة، أو في بعض الأحيان دراجة نارية، وتتعرض الحافلة المقلة للاعبين لمضايقات من الجماهير أثناء سيرها، وكل هذه الأحداث تحدث خلف مراقب المباراة الآسيوي المتواجد في الملعب فقط ولا يوجد من يرافق الأندية السعودية من الاتحاد الآسيوي ليشاهد ما تواجهه". وأضاف "وصل الجمهور الإيراني إلى درجة عالية من الاحترافية في الضغط على بعثات الأندية السعودية خارج الملعب بأنواع الشتائم والسب، ويبدو أن اللغة الفارسية تصعب من مهمة مراقب المباراة الآسيوي في معرفة ما يردد منهم، حتى أن الشتائم باللغة العربية بصوت واضح ومسموع يثير الدهشة"، مشددا على أن السفارة السعودية تقوم بدورها الكامل لمواجهة كل ما تتعرض له البعثات السعودية. وأشار السقا إلى أنه تحدث مطولا مع رئيس نفط، بحضور رئيس بعثة الأهلي، ودون كل الأحداث في تقريره المرفوع للاتحاد للاطلاع عليه ورفعه لنظيره الآسيوي لحماية مصالح الكرة السعودية مستقبلاً، وقال: "لابد أن نكون متشددين لمواجهة تلك المضايقات، ومن الضروري أن يكون هناك تحرك سريع من الاتحاد الآسيوي قبل أن تتطور الأحداث مستقبلا لا سمح الله". عجز وفوضى من جهته، أوضح المتحدث الرسمي للاتحاد السعودي عدنان المعيبد، أن الاتحاد لا يملك القوة لإعادة الأمور لوضعها الطبيعي، وقال: "اتحادنا أحيانا يقف عاجزا عن أحداث تحصل داخل ملاعبنا المحلية، فنحن لا نملك ملاعب ولا رجال أمن، ولا نملك قوة لإعادة الأمور لوضعها الطبيعي، لكن نحن منظومة رياضية متكاملة نساعد في موضوع الاتصالات والرفع للجهات المختصة إذا حصل أي تجاوزات، مثل ما حصل من لافتات مقززة ودنيئة من الجماهير الإيرانية في مباراة الهلال في ملعب المباراة". وتابع: "لدينا قيادة نحيل لها مثل هذه الأمور وهي من تقرر، نحن بدورنا نرفع ما حصل ونوثقه للاتحاد الآسيوي، والاتحاد السعودي لا يستطيع تحويل الأحداث لصالحه داخل لجان الاتحاد الآسيوي لأنها منظومة اتحاد". وأشار المعيبد إلى أن الاتحاد السعودي يكلف عضوا بالسفر مع الأندية ولا يحضر قبل الفرق، وأضاف: "السقا غادر مع الهلال بحكم أن مباراتهم قبل الأهلي، وبقي حتى مباراة الأهلي، وليس لنا علاقة باستقبال الفرق في الخارج فهي ليست من صلاحياتنا، ونحن في نهاية الأمر متطوعون ولسنا متفرغين، وهذا دور سفارات المملكة في الخارج، وهذه المباريات تقع تحت مظلة الاتحاد الآسيوي، فأي خروقات أو تجاوزات تحصل فهي مسؤوليته، ويجب أن يوفر مراقبا للمباريات يسجل ما يحصل، وإذا لم يتجاوب مع الموضوع أو يحيله بشكل رسمي للانضباط فلن يحصل شيء، وهناك فترة انتخابات مقبلة للجان الآسيوية ويجب أن نكون أقوياء في اللجان وبعدد أكبر، ويكون لنا تجمع مع دول الخليج وبعض دول غرب آسيا حتى يكون لنا تكتل يمثل لنا قوة داخل الاتحاد الآسيوي ولجانه بشكل يضمن حقوقنا على أقل تقدير"، لافتا إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة التي يرتكب جمهورها حماقات ويرفعون لافتات مقززة وهي الدولة الوحيدة التي تنشر كلاما مسيئا في صحافتها. أبرز التجاوزات الإيرانية ضد الأندية السعودية تعرضت الأندية السعودية إلى مضايقات كثيرة خلال خوضها للمنافسات القارية في إيران. • عام 2011 رفعت الجماهير الإيرانية الحاضرة لمباراة النصر والاستقلال على ملعب آزادي في العاصمة طهران عبارات سياسية ولافتات تحمل عبارة الموت ل"آل خليفة" ورددت عبارات مسيئة للمملكة. • أوقف حكام مباراة الأهلي وسباهان المباراة عام 2012، بعد رمي الجماهير لمقذوفات نارية أصابت أرضية الملعب مما دعا الحكم المساعد لحكم المباراة للهروب من موقع الحدث. • شنت وسائل الإعلام والصحف الإيرانية هجوما على جماهير الهلال بسبب رفعها لافتات عليها عبارات مناصرة لأم المؤمنين عائشة خلال مباراة الهلال أمام سباهان 2014. • عنونت الصحافة الإيرانية "النصر إلى الجحيم" قبل لقاء النصر وبيروزي 2015. تعرضت بعثة الأهلي لحادث سير يعتقد أنه متعمد قبل مباراة الفريق أمام تراكتور الإيراني 2015. • 2015 صحيفة بيروزي الإيرانية تحرض الجماهير ضد الهلال بالمطالبة بذبح الفريق في طهران، وعنونت بالمانشيت العريض: "ذبح فريق الهلال السعودي في طهران الليلة حلال". • تعرضت بعثة الأهلي السعودي للاستفزاز وتأخير البعثة في المطار قبل مباراة الفريق أمام نفط طهران 2015. • 2015 قدمت الإدارة القانونية في نادي الهلال تقارير مدعمة ببعض الصور التي تم التقاطها للأحداث التي جرت في إستاد آزادي خلال مباراة فريقها الكروي الأول أمام بيروزي الإيراني في ذهاب دور ال16 لدوري أبطال آسيا.