جاءت نصوص إعلان الرياض، الذي اختتم أعماله أول من أمس، ملبية لرغبات كل اليمنيين في بناء الدولة التي خرجوا ينشدونها في ثورة سبتمبر من العام 1962م، وجددوا مطالبتهم بها في انتفاضة العام 2011، في وقت لا يزال التوجس قائما من مؤتمر جنيف، الذي يرون أنه سيمثل إنقاذا للانقلابيين دون غيرهم وإجهاضا لهذه الثورات. وأقيم مؤتمر الرياض، الذي حضره ممثلون عن كل الأطراف اليمنية، عدا ميليشيات الحوثي المتمردة، تحت شعار "لإنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية"، وأكد مراقبون أن المؤتمر كان له من اسمه نصيب. ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن المؤتمر "سيشكل نقطة مفصلية في مسار الأزمة اليمنية، بعد الحرب التي تخوضها قوات المخلوع صالح ومعها ميليشيا الحوثي، بهدف وضع اليد على الدولة وفرض خيارات أحادية، لعل أسوأها تأسيس دولة ذات طبيعة طائفية، تتحول إلى تابع للنظام الإيراني الموتور في المنطقة". وأضاف "رغم أن الرئيس المخلوع والحوثيين لم يشاركوا في المؤتمر، إلا أنه نجح في إحداث تمايز في حزب الرئيس المخلوع، دفع بالنائب الأول لرئيس الحزب وعدد من أبرز قيادته إلى الوقوف في صف الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي والتحالف العربي، وبات الحديث اليوم عن جناحين للمؤتمر الشعبي العام، أضعفهما الجناح الذي ما يزال مواليا لصالح، وأقواهما الجناح المنحاز إلى الشرعية الدستورية". وأشاد التميمي بتنوع الحضور والمشاركين، وقال إن ذلك "يدفع للقول بأن مؤتمر الرياض أسس لتكوين جبهة وطنية عريضة؛ لاستعادة الدولة، والوقوف ضد الحرب التي تخوضها قوات المخلوع صالح، والحوثيون في محافظاتعدن، وتعز، ولحج، والضالع، ومأرب، وشبوة، وتسعى نحو ترسيخ دعائم الدولة الاتحادية التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني الشامل".ومضى بالقول "تكمن أهمية مؤتمر الرياض في أنه استطاع أن يذيب الكثير من الجليد المتراكم في العلاقة بين النخبة السياسية الجنوبية والشمالية، وخفض سقف الطموح الذي علا مطالب الزعماء الجنوبيين، ووصل حد المطالبة بالانفصال وسيلة وحيدة لإنهاء الأزمة الجنوبية". وعن مؤتمر جنيف الذي تتحرك الأممالمتحدة لعقده بين الأطراف اليمنية بمشاركة المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح، وهو أيضا جزء من أجندة الزيارة التي قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ الأسبوع الماضي، قال التميمي إن هذا المؤتمر لن يكتب له النجاح، ما لم يكن محل رضا القاعدة الوطنية الواسعة التي عبر عنها مؤتمر الرياض، وكان أيضا محل رضا دول مجلس التعاون الخليجي، العمود الفقري للتحالف العربي، وصاحبة المبادرة الخليجية. واستطرد التميمي بالقول "من الواضح أنه سيستجيب لمطالب الحلف الانقلابي في اليمن، الذي يعقد آماله على مؤتمر كهذا، لاعتقاده أن بإمكانه إعادة تصفير الأحداث والبدء من حيث انتهت معركته العسكرية على الأرض، وهذا يعني أن هذا الحلف يحرص على التنصل من التزاماته تجاه المبادرة الخليجية، ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي أخرج أبرز رموزه من المشهد السياسي، في حين أدخلت قرارات مجلس الأمن هذه الرموز على قائمة العقوبات الدولية". وفسر اهتمام قيادة المملكة بمؤتمر الرياض بأن ذلك يعني أنها تعتمد عليه ليكون المظلة السياسية لمهمة التحالف العربي، التي تريد إعادة السلطة الشرعية إلى البلاد وإنهاء الانقلاب وكل ما ترتب عليه.