في وضع يكاد يكون نادرا، خصوصا في ظل المنافسة الملتهبة باستمرار بين الأندية السعودية، يلاقي المدرب السويسري "كريستيان جروس" إجماعا تاما بين النقاد الرياضيين والجماهير في الإشادة بدوره الكبير في ما يقدمه الفريق الكروي الأول بالنادي الأهلي هذا الموسم من مستويات كبيرة ونتائج إيجابية، فبالإضافة إلى تحقيق بطولة مبكرة هي كأس ولي العهد، نالت أرقام المدرب الذي يقضي موسمه الأول مع الأهلي، أصداء محلية وخارجية واسعة تمثلت في عدم خسارة فريقه خلال 38 مباراة خاضها معه في المنافسات كافة المحلية والقارية حتى الآن. نجاح الأصلعين أعاد تفوق المدرب السويسري، إلى أذهان الأهلاويين شيئا مما قدمه فريقهم من حضور لافت مع المدرب التشيكي "كارل ياروليم" حينما قاده إلى كثير من العطاءات الكبيرة في عامي 2011 و2012 بتحقيق لقب كأس خادم الحرمين الشريفين ووصافة الدوري ودوري أبطال آسيا، بل إن البعض ذهب بعيدا واعتبر ما يقدمه الفريق مع "جروس" إعادة لذكريات وإنجازات "قلعة الكؤوس" في السبعينات والثمانينات الميلادية التى شهدت تحقيق العديد من الألقاب وبزوغ نجوم الذهب. ويعمل "جروس" مع لاعبيه الذين يلعبون بروح قتالية عالية بهدوء كبير، متميزا بقدرته على توظيف العناصر وشحن طاقاتهم في المستطيل الأخضر للعودة بهم إلى منصات التتويج ليكون موسم حصاد، خصوصا والفريق يفصله حاليا عن متصدر دوري عبداللطيف جميل للمحترفين نقطتان فقط، إضافة إلى صدارة مجموعته بدوري أبطال آسيا. ثقافة الانتصار وفي وقت تدور التساؤلات بين الجماهير الأهلاوية حول من يفك شفرة الدوري المحلي بعد نجاح الأصلعين "ياروليم" في 2012 و"جروس" هذا الموسم لتحقيق حلم طال انتظاره، تأتي الردود من اللاعبين أنفسهم وعلى رأسهم الجهازان الفني والإداري بأن "لن نلتفت لنتائج الفرق الأخرى وتركيزنا على الجولتين الأخيرتين للفوز في المباراتين"، وهكذا أصبحت ثقافة الفوز هي اللغة الوحيدة التى يتسم بها "الراقي" بعد أن نجح القائمون عليه بترتيب أوراقه بلا ضجيج للوصول إلى هذه المرحلة من التناغم الإداري والفني والعناصري من خلال عمل جماعي كبير. تحضير متميز اتسمت مسيرة الأهلي هذا الموسم بالقوة، بفضل الإعداد والتحضير المميز الذي انعكس على الفريق منذ بداية الموسم بتدعيم صفوفه بمهاجم على مستوى عال كالسوري عمر السومة والمصري محمد عبدالشافي والبرازيليان "برونو سيزار" و"أوزفالدو"، إضافة إلى التعاقدات المحلية بتواجد حسين المقهوي وسلمان المؤشر ومهند عسيري وصالح العمري وأمير كردي، ما منح الفريق ثقة كبيرة لتحقيق أرقام إيجابية في مسيرته هذا العام بحضور خط دفاع متمكن وحارس مرمى يحمي عرينه ببسالة. وكانت بصمات الجهاز الفني واضحة منذ بداية الدوري، وتشكلت أكثر مع تتالي نزالات الفريق، فكان بإجماع الرياضيين والمحللين الأفضل فنياً حتى في تلك التي تعثر خلالها بالتعادل بفضل الانضباط التكتيكي في جميع خطوطه وتقديم عروض فنية مميزة جعلته ينافس بشراسة على لقب الدوري. التفاف ومساندة نجح "جروس" في تخطي الكثير من العقبات التي واجهت الفريق هذا الموسم وأبرزها الإصابات المختلفة التى طاردت أبرز نجومه، وذلك بتدوير اللاعبين ومشاركة جميع العناصر ال30 في القائمة التى اعتمدها في بداية الموسم، واستطاع الحصول على توليفة قادرة على فرض نفسها، فالمرحلة السابقة شهدت غيابات كثيرة، وخصوصا بين المهاجمين مثل السومة وعسيري وفي الدفاع معتز هوساوي، لكن "جروس" لم يعتمد على الأسماء كثيرا بقدر ما منح الثقة لجميع اللاعبين. وكان الأمر المميز في توهج الفريق وما يقدمه من نتائج هذا الموسم، هو إعادتها لجميع الأهلاويين كبارا وشبانا وصغارا للالتفاف حول فريقهم ومساندته في المدرجات وكانت لهم بصمات إيجابية في كل ما يقدمه الفريق، ولا زالت آمالهم معقودة على نجومهم للظفر باللقب كونهم يملكون جميع مقومات التفوق، متطلعين لنهاية سعيدة ومنصفة للعمل الكبير الذي صاحب فريقهم هذا الموسم.