استيقظ الوطن صباح الأربعاء قبل الماضي على وقع قرارات ملكية كريمة، أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تحمل بشائر تعيين المحمدين، الأمير محمد بن نايف وليا للعهد، والأمير محمد بن سلمان عضدا له وليا لولي العهد. إحساس بالأمل أشاعته تلك القرارات وأكدت من جديد أن سلمان بن عبدالعزيز كما هو حازم في حربه، فهو لا يقل حزما في تثبيت عرى أمن واستقرار هذا البلد، ورسم خارطة طريق مستقبلية له، تضمن لإنسانه العيش في أمن ورخاء. إن صور جحافل المواطنين في قصر الحكم لمبايعة المحمدين تعكس طبيعة الخصوصية السعودية في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، خصوصية لا يفهمها ويعرف أبعادها إلا السعوديون ومن عاش على ثرى أرضها الطاهرة المباركة. صور الأمراء الكبار، وهم يتقدمون جموع الناس، مبايعين ومعاهدين، تعطي انطباعا رائعا وتعكس مفهوما سائدا لطبيعة مؤسسة الحكم في بلادنا وقدرتها على أن تكون صمام أمان واستقرار لهذا البلد وإنسانه. العلماء كان لهم في هذا المشهد مساحة، فحضورهم ومبايعتهم أصَّلا الجانب الديني في هذه البيعة وشرعنتها لتصبح عقد ولاء وعهد بين الحاكم والرعية. أما مبايعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز، فكانت أهم صورة للحدث، لتنقله للعالم صوتا وصورة، مؤكدة أن الانتقال السلمي للسلطة تجسده وتمارسه مؤسسة الحكم السعودية عمليا، وتؤكده الصور الحية التي أظهرت الأمير مقرن مبايعا المحمدين على السمع والطاعة في المنشط والمكره. أما زيارة خادم الحرمين الشريفين للأمير مقرن بن عبدالعزيز في قصره، فكانت بحق مسك الختام لمسلسل الصور الوطنية المعاشة هذه الأيام في المملكة، صورة بانورامية تجسد طبيعة العلاقة المتينة بين الأسرة الحاكمة، وتؤكد أن استقرار هذه الأسرة وتعاضدها هو صمام أمان رئيس لوحدة هذه البلاد وأمنها. إنها المملكة العربية السعودية، حاضنة العرب والإسلام، اختصها الله بكل ميزة خيرة لتكون منارة للإنسانية، فالسعودية قدرها أنها في عيون الحاقدين صحراء وبداوة، وفي عيون طلاب المصالح نفط فقط، وفي عيون المنصفين لأنفسهم أولا وللحقيقة والتاريخ، وطن شامخ يختزل في جنباته كل صور الحياة الإنسانية العظيمة، ويقدمها كحضارة معاشة في قوالب متميزة من الرقي والازدهار.