أكد أكاديمي متخصص في التوثيق والتسجيل التاريخي والأثري بأن ثقافة الشعوب تقاس بمدى اهتمامها بالتراث، موضحا أن الحفاظ على التراث الثقافي وتوثيقه أمر هام، لأن هذه المصادر تكون جزءا مهما من ذاكرة الأفراد والأمم لما تحتويه من قيم ثقافية. وأشار أستاذ التاريخ القديم والآثار في كلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور مدحت هريدي في معرض محاضرته بعنوان "التوثيق والتسجيل الإلكتروني للمواقع الأثرية والتاريخية" في كلية الآداب بالجامعة، إلى أن المواقع التاريخية والأثرية إضافة للقطع الأثرية التي عُثر عليها في العديد من المواقع الأثرية في المملكة الأساس للمخزون المحفوظ على قاعدة البيانات بالعربية والإنجليزية والفرنسية التي تغطي العصور التاريخية المختلفة، مضيفا أن اليونسكو يدعم إنشاء مراكز التدريب الوطنية والإقليمية في مضمار حماية التراث الثقافي. وأبان في محاضرته التي أدارها عضو هيئة التدريس في الكلية الدكتور حاتم الطحاوي، أن المحافظة على التراث الأثري والمعالم المهمة كتراث عالمي لكل الإنسانية وحمايتها واجب على الدول المهتمة بالحضارة، مشيرا إلى أن الآثار هي: الأعمال المعمارية، والعناصر ذات الصفة الأثرية، النقوش، مجموعات المعالم التي لها قيمة استثنائية، لافتا إلى أن التراث الثقافي الذي تركه الأجداد يكوّن الجزء الأكبر من حضارة الشعوب، فالحفاظ عليه يعني الحفاظ على الشيء الملموس الذي نستطيع أن نقيس به مستوى الحضارة لتلك الشعوب، وظهر ذلك واضحا في التراث الأثري للمملكة، منذ عصور ما قبل التاريخ، مرورا بالعصور التاريخية القديمة والتواصل الحضاري مع المنطقة بأسرها. وذكر أن التوثيق هو الحصول على كل المعلومات الثابتة المتاحة المتعلقة بالآثار والمباني والمواقع الأثرية بما في ذلك خواصها الطبيعية وتاريخها والمشكلات التي تعاني منها وعملية العلاج وكيفية معالجة المشكلات، وعملية تنظيم وتفسير وإدارة هذه المعلومات، موضحا أن الهدف من عملية التوثيق هو تعيين قيمة وأهمية التراث وتوجيه عملية الصيانة عن طريق وضع أساس للحالة الراهنة التي يمكن مقارنتها بالحالة التي سيكون عليها الأثر بعد فترة. وأضاف أن التوثيق يساعد على عمل سجل للآثار التي تم تدميرها في الحروب والكوارث الطبيعية، كذلك عمليات التدمير أو الهدم لأغراض مدنية وحجم الزحف العمراني الذي يحدث مع مرور الوقت، بالإضافة لأغراض تهدف إلى حماية الآثار نفسها، كما حدث في إعادة بناء معبدي أبو سمبل وفيلة في مصر بمساعدة اليونسكو، فنحن لا نستطيع إنقاذ كل شيء لذلك يحفظ التوثيق قيمته وخواصه وأهميته.