ابتكر شاب سعودي فكرة للمساهمة في الحد من الفقر في المجتمع، تحوّل الفقراء والأيتام إلى مسوقين، بدلا من أن يكونوا متلقين للصدقات بآلية علامة تجارية وتسويقية مبتكرة مثل علامات الجودة والقياس التي تمنحها المنظمات الدولية والجهات المحلية لأي سلعة". ويشرح علي آل مسعود (خريج كلية الإعلام بجامعة الملك سعود) فكرته، ويقول "تكمن الفكرة في ابتكار علامة تسويقية دعائية تكافلية تنظيمية باسم "كفل"، تربط وتنظم تبادل مصالح ثلاثة أطراف مهمة في المجتمع، وهم أولا وزارة الشؤون الاجتماعية، أو من يمثلها كطرف حكومي في أي بلد، وثانيا شركات القطاع الخاص، وثالثا جميع أفراد المجتمع من المستهلكين، ليحقق كل طرف مجموعة أهداف تصب في مصلحة شريحة الفقراء في المجتمع، بعد أن يتحولوا بفضل العلامة إلى مسوقين، بدل أن يكونوا متلقين للصدقات، ضمن آلية العلامة المبتكرة "كفل". وأضاف أن الفكرة تشبه علامة الجودة المعروفة عالمياً ب"Iso “ والتي تعطي الشركات ثقة المستهلك في جودة المنتجات والسلع، فعلامة "كفل" تعطي الشركات شهادة موثوقة مقابل ما ستدفعه كقيمة للعلامة، ويوضح ما ستقدمه لخدمة المجتمع أمام المستهلك للحصول على رضاه بطريقة عددية (رقمية) دقيقة وشفافة وعملية، وسوف يدفع ذلك إلى التنافسية بين الشركات للحصول على علامة "كفل" برقم متغير حسب الطلب، والذي يأتي واضحاً وبارزاً ضمن شكل وتصميم العلامة كفل". وحول تصميم العلامة يقول آل مسعود "تحوي العلامة اسم العلامة الرئيسي "كفل" بلغتين العربية والإنجليزية بتصميم مزدوج، وتحوي أيضا الرقم الأساسي في العلامة، والذي يدل على عدد المستفيدين الذي تتكفل بهم الشركة الحاصلة على العلامة بصفتهم مسوقين، كما تشتمل العلامة أيضا على تاريخ يتغير مع مطلع كل عام، إضافة لشكل رمزي لعلامة النخلة المرتبطة في الأذهان بالعطاء. وأشار إلى أنه بمجرد أن يتم الإعلان عن العلامة من خلال الجهة الحكومية المعنية بمشكلة الفقر بصفتها جهة رسمية موثوقة كوزارة الشؤون الاجتماعية، ستبدأ الشركات بفهم المردود الإيجابي الذي ستحظى به من سمعة تدعم موقفها في السوق من بين منافسيها بحصولها على رضا المستهلك، فمثلا لو اختارت الشركة العلامة (كفل برقم 1000)، فيعني هذا التزامها بدفع ما قيمته 500 ريال لكل فرد من العدد السابق، مما يعني التزامها بدفع قيمة العلامة التي ستبلغ بعد ضرب القيمة 500 ريال في 1000 شخص ضرب 12 شهراً عدد أشهر السنة، ليكون الناتج 6 ملايين ريال، قيمة العلامة تدفعها الشركة الراغبة في الحصول عليها رأس كل سنة لوزارة الشؤون الاجتماعية، لتتكفل بعد ذلك الوزارة بمنح العلامة للشركة بعد قبض ثمنها، والإشراف على صرف المبلغ كمكافأة شهرية للمستفيدين الذين تحددهم الوزارة". وأضاف آل مسعود أنه بمجرد شراء الشركة للعلامة "كفل" فيمكنها بعد ذلك إبراز العلامة على منتجاتها، ومن خلال إعلاناتها عبر وسائل الإعلام والإعلان المختلفة طيلة عام كامل، هو تاريخ صلاحية العلامة الذي يحدده التاريخ المرفق بالعلامة، مما يجعل العلامة تعطي الفرد من شريحة المستهلكين صورة واضحة عن الشركة الأكثر دعما والقائمة بدورها تجاه المجتمع، مما يجعله يتعاطف لا إراديا مع منتجاتها دعما لدورها الذي تقوم به من خلال الشراء بكل أريحية وإنسانية يتميز بها الشخص العادي في مجتمعنا بشكل خاص وفي جميع المجتمعات الإنسانية بشكل عام. ويتوقع آل مسعود أن يخلق إبراز الشركة لهذه العلامة على منتجاتها قوة تنافسية محمودة بين شركات القطاع الخاص لصالح الفقير، مشيرا إلى أنه تقدم لوزارة الشؤون الاجتماعية بالفكرة، لأنها الأقدر على اختيار الفئة المستحقة، مشيرا إلى أن بعض مشاريع دعم الفقراء ليست مجدية مثل مشروع الأسر المنتجة، لأنها موسمية، كما أن الصناعات الصينية تنافس هذه الأسر سواء من جانب الكم أو الكيف. وعن ملاءمة السوق السعودية لتطبيق هذه الفكرة المبتكرة، يضيف آل مسعود أن "السوق السعودي أكبر وأضخم سوق للإعلان في الشرق الأوسط، بحيث يتم إنفاق مايقارب الخمسة مليارات ريال سنوياً، وهو سوق قابل للنمو بشكل ملحوظ، خصوصاً أن عدد الشركات الكبرى في المملكة يزيد على 400 شركة ذات استثمارات كبرى، والسوق السعودية ذات اقتصاد عالي ومأمون يطمح لدخوله أي مستثمر، أضف إلى ذلك القدرة الشرائية العالية لدينا". وأشار إلى أن الفكرة أخذت في الحسبان العديد من الجوانب بعد دراستها على مدى ما يقارب 18 شهراً بمجهودات فردية، لذا يمكن الاستفادة من حجم التنافسية على المستهلكين بين تلك الشركات الكبرى، خاصة أن الابتكار يستثمر الجانب الإنساني لدى المستهلك السعودي الذي سيتحول بفضل الفكرة إلى دور عملي ملموس، وبدون أي تكاليف وأعباء على أي جهة حتى الشركات التي تشتري العلامة، حيث يعتبر ما ستدفعه جانبا دعائيا تسويقيا، وكأننا بما سبق لم نعط الفقير سمكة، بل علمناه كيف يصطاد حيث جعلناه مسوقا دون عناء. ويعدد آل مسعود مجموعة مزايا تعزز إمكانية نجاح فكرته، وهي أن الفكرة ستقود لا إراديا إلى تحالف شعبي يغري الشركات على القيام بواجبها الاجتماعي لصالح الفقير، وينعكس عليها بفوائد ربحية، كما أن الفقير لن يأخذ مقابلا من باب العطاء، بل يكون المتفضل بعد أن أصبح بمثابة صوت أو رقم في العلامة الحاصلة عليها الشركة. وحول الفوائد التي تحققها العلامة "كفل" للجهات المذكورة ومنها شركات القطاع الخاص، أوضح آل مسعود أن هذه العلامة يمكن اعتبارها حاصل تفاعل مجموعة شرائح مهمة في المجتمع لتحقيق فائدة ملموسة للشريحة الأكثر عوزا، وتحقق للقطاع الخاص عدة فوائد منها قيامها بدورها الاجتماعي وحصولها على رضا المستهلك الذي يعد العمود الفقري في أي عملية تجارية. وأضاف "من جانب آخر تحقق هذه العلامة للمستهلك إضافة لحصوله على السلعة التي يريدها الكثير، لأن اختياره لمنتجات الشركة سيشعره بالمشاركة في حل مشكلة الفقر بمجرد اختياره لمنتج الشركة الأكثر دعما للفقير، مما يشعره بالرضا الذاتي، ويشبع لديه الجانب الإنساني، وهو يرى أن اختياره مبني على العلامة التي تعطيه معلومة واضحة وصريحة عن الشركة الأكثر دعما في مجتمعه، كما تساعده العلامة على اتخاذ قرار مقنع بالنسبة له في المنتج، ليصبح قرار الشراء لديه آليا وسريعا". وأشار إلى أنه "بالنسبة للمستفيدين من الفقراء فالفوائد عديدة ، فإضافة لحصولهم على دخل شهري، فإن الفكرة تحولهم إلى مسوقين، وليسوا مستحقي صدقات، مع الشعور بالفاعلية، والأهم من ذلك الأسر المتعففة التي تبقى كذلك بفضل الفكرة كونها لا تأخذ صدقة، بل تستحق مقابل احتسابها كرقم في العلامة مبلغا ماليا بصفتهم مسوقين بشكل غير مباشر. بينما الفائدة بالنسبة للشريحة المانحة والمعنية بالفقراء فتحقق إضافة لقيامهم بدورها الأسبقية في استحداث طريقة حديثة لتمويل مشروع يعالج قضية أزلية. وقال آل مسعود إنه وثق فكرته في وزارة الثقافة والإعلام ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.