تتردد تعبيرات غريبة على ألسنة الشباب داخل الأسواق التجارية والمقاهي، مثل "أشكل"، و"انبراش"، و"القروشة" ويستخدم هؤلاء الشباب هذه المصطلحات كرموز شبابية يتفاهمون بها بين بعضهم كقاموس شبابي مبتكر. واعتبرها الشباب لغة تفاهم العصر لديهم، ولا يعرف معانيها سواهم، وتتردد هذه التعبيرات في مواقف مختلفة، وإن كان يغلب عليها الطابع الفكاهي والساخر. يقول الشاب عبد المجيد محمد إنه اعتاد الجلوس في الكوفي شوب مع أصدقائه، وتداول العديد من المصطلحات التي حرص مع أصدقائه على جمعها وتبادلها، مؤكدا أنه يقوم مع أصدقائه بتتبع الانترنت وجمع الألفاظ الجديدة وخاصة ما يستخدمه الشباب في الدول الغربية. ويذكر طارق ياسر (جامعي) أن "هذه المصطلحات الجديدة تعتبر لغة الشباب في جروبات الرقص خاصة من يؤدي رقص الفانكي والديسكو وغيرهم، فهؤلاء يلجؤون لاستخدام هذه المصطلحات من أجل التفاهم فيما بينهم بلغة لا يستطيع أحد غيرهم أن يفهمها"، مشيرا إلى أن هناك من يستنكر وجود هذه المصطلحات بين فئة الشباب، والبعض يتقبلها على أنها من باب مواكبة التطور الذي يشهده المجتمع. وقال استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد إن "استخدام الشباب لهذه المصطلحات الغريبة يتم تحت دوافع نفسية منها التمرد على الواقع، حيث إن الكثير من الشباب تصله معلومات خاطئة بأن الرجولة تكون بإثبات الرأي المعاكس، وغير الصحيح، لذلك يستحدث البعض منهم أمورا جديدة لكي تكون مقاييس للرجولة، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك، ويتم ذلك بطرق غير واعية تعتمد على تكسير المفاهيم الصحيحة التي تعودت عليها المجتمعات، ومن بينها اللغة. وأضاف أن الشاب الذي يردد هذه التعبيرات الغريبة يتمرد على ذاته وعلى لغته، مع أن اللغة هي وسيلة التواصل بين البشر، لذلك يلجأ العديد من الشباب إلى استخدام مصطلحات جديدة يعتقد البعض منهم أنها تمثل لهم حاجة ذاتية ونفسية، وتكون بمثابة التعويض لهم عن عقدة النقص التي يعانون منها، حيث تغذي هذه التعبيرات جانب النقص في شخصيات هؤلاء الشباب. ويشير الدكتور الحامد إلى أن استخدام هذه المصطلحات لا يندرج تحت الاضطرابات النفسية، بل يعتبر تقليدا لثقافات أخرى، مشددا في الوقت نفسه على خطورة ذلك، حيث يأخذ منحى خطيرا يتمثل في ضياع الهوية الأساسية للفرد. من ناحية أخرى ذكرت المستشارة الأسرية ومديرة مركز إرشادات للاستشارات الأسرية نسرين بخاري أن لجوء الشباب لاستخدام المصطلحات الغريبة في الحوار محاولة لإثبات الهوية، مضيفة أن خطورة هذه المصطلحات تكمن إذا كانت بعض هذه التعبيرات ترمز إلى معان خادشة للحياء، وقد يكون البعض منها يشجع على العدوانية، وغيرها من الأمور التي قد تهدد القيم لدي الجيل. وعن طريقة مواجهة هذه الظاهرة قالت إن "الأسرة لا تستطيع قمع هذه اللغة بشكل مفاجئ، لذلك على الأسرة معرفة بعض مصطلحات هذه اللغة بالحد المعقول، والعمل على إقناعهم بالابتعاد عن هذه المصطلحات إذا كانت غير لائقة". وأكدت بخاري على وجوب الاهتمام بالنمو الاجتماعي للنشء قبل مرحلة المراهقة، وتفعيل قيم التعايش من حب واحترام ومشاركة، ولن يكون ذلك إلا بإكسابه بعض الأدوار الاجتماعية.