أدرك أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بأن السياحة كصناعة لابد لها من أرض صلبة تنهض عليها ألا وهي البنية التحتية للخدمات الأساسية التي تعد إحدى مقومات السياحة، وتزيد من النهوض بها وتدعم ثقة المواطن السعودي في أهمية السياحة الداخلية وانعكاساتها على دخل الفرد والوطن. ولذلك بدأ التركيز على مشاريع المياه، والطرق، والكهرباء، باعتبارها أساس الانطلاق لباقي الخدمات، فتأسست بالمنطقة شبكة طرق جيدة رغم التضاريس الصعبة مع التركيز على شبكات الطرق الداخلية للمدن، وأنشئت السدود، في حين كان مشروع تحلية مياه البحر الأحمر الذي تضخ مياهه إلى ارتفاع 2300 متر لأول مرة في العالم لتصل إلى مرتفعات عسير صمام الأمان لمشاريع التنمية عموما، وضمنها بطبيعة الحال مشاريع السياحة. وفي مجال توفير الكهرباء لمرافق التنمية قامت الشركة الموحدة للكهرباء بالمنطقة بالتوسع في خدماتها لتطال معظم مدن وقرى المنطقة. المواطن مستثمر بعد أن توافرت معظم الخدمات الأساسية شهدت منطقة عسير عموما وأبها خصوصا نهضة عمرانية شارك فيها المواطن بفاعلية وسط دعم من الدولة لإحداث مخططات جديدة وخدمتها، وهنا انطلق إنسان عسير للاستثمار في السياحة ولو بطريقة غير مباشرة أو مقصودة منه، فبناء الدور السكنية وتأجيرها على المصطافين صيفا، وكذلك إقامة المطاعم، وبعض المراكز التجارية، أحدثت قناعة لدى المواطن بأن السياحة الداخلية بدأت تؤتي ثمارها وتدر دخلا جيدا على المنطقة وسكانها، فضلا عن توجه أنظار المستثمرين والشركات السياحية التي بدأت تتجه إلى عسير بصورة أفضل من ذي قبل. تنوع المناشط نجح الأمير فيصل بن خالد في إحداث نقلة نوعية في مسيرة السياحة في المنطقة وذلك بإصراره على تنوع برامجها الدينية والثقافية والاجتماعية والرياضية والتربوية، فأخذ يوجه بإقامة برامج تلبي كل حاجات الأسر والفئات ليجد السائح مبتغاه، وأخذت المهرجانات السنوية تقام بشكل دوري وكذلك الملتقيات الصيفية، وتم إشراك محافظات المنطقة في برامج الصيف ومن ثم غدت أبها منارة للسياحة، وكانت مقصد العديد من الدول العربية والخليجية، لا سيما بعد تشييد العديد من فنادق خمس النجوم، وإحداث مدينة أبها الجديدة، ومنتجعات بالسودة والحبلة، وعلى ساحل البحر الأحمر، واستضافة العديد من البطولات الرياضية. السياحة المستدامة حرص الأمير فيصل بن خالد على تحقيق فكرة السياحة المستدامة وتحويلها من موسمية صيفية إلى صيفية شتوية على مدار العام على اعتبار أن منطقة عسير بها من المقومات الطبيعية ما يؤهلها لذلك، فهي تتربع على أعلى قمم جبال السروات وتطل على جزء كبير من ساحل البحر الأحمر يمتد لأكثر من 240 كيلومترا، ولذلك سارعت العديد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص لزيارة ساحل عسير البحري، وإجراء الدراسات اللازمة لتطويره ومن ثم تحويله إلى منطقة جذب سياحي خلال فصل الشتاء. وتوجت تلك الجهود بإطلاق مبادرة "عسير وجهة سياحية رئيسية طوال العام" برعاية سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن خالد قبل بضعة أشهر على اعتبار أن عسير أولى المناطق في تطبيق السياحة المستدامة عطفا على ما تتميز به من مقومات سياحية وتاريخية وتراثية، في حين أن مبادرة المنطقة تتضمن خططا وبرامج ومشاريع مدعومة بموازنات مستقلة، كما أن تكثيف استضافة عسير للمؤتمرات الدولية والمحلية من شأنه دعمها سياحيا، إضافة إلى الاستمرار في تنفيذ منظومة البرامج السياحية ومن أبرزها تطوير الأسواق الشعبية والقرى التراثية بالتعاون مع أمانة المنطقة والبلديات، كما أن هناك تواصلا مع وزارة النقل لإحداث المزيد من الطرق وتطوير القائمة باعتبارها أحد عناصر البنية التحتية الهامة للسياحة. خدمات جديدة واكب الأمير فيصل بن خالد تطلعات القيادة الرشيدة للاهتمام بالمواطن، فحرص على أن تستهدف برامج الصيف كل الشرائح وتعمل على تثقيفها وانتهج أمير عسير سياسة الشراكة بين الجهات الحكومية والمواطن لتنمية عسير وسياحتها فكثيرا ما يلتقي الأهالي بصفة دورية. وظهرت على السطح روافد جديدة لدعم برامج السياحة من أبرزها تعدد أنواع الطيران الصيفي سواء الشراعي أو أنواع مختلفة من الطائرات، وتم الشروع في إحداث متحف عسير الإقليمي، والتوسع الأفقي في بعض المتنزهات في المنطقة، فضلا عن زيارات أمير منطقة عسير المتلاحقة لمواقع الاصطياف والتنزه بهدف رصد الملحوظات التي تطرأ وتقديم خدمات متميزة للزوار. استراتيجية فاعلة نجح الأمير فيصل بن خالد بالاشتراك مع الهيئة العليا لسياحة في صياغة استراتيجية جديدة للسياحة، تحمل رؤية ثاقبة لتطويرها واستشراف مستقبلها، وتضمنت استراتيجية تنمية السياحة في المنطقة وصفا عاما للمنطقة ورؤية وأهداف خطة السياحة، والموارد السياحية، والفرص الإيجابية والتهديدات والمخاطر، وتحليل البيئة الداخلية والخارجية لمقومات السياحة، وآلية تطوير المواقع السياحية وتحليل السوق وملاءمة المنتج له واستراتيجية وأدوات وأساليب التسويق، وتنمية الموارد البشرية. وتعول هيئة السياحة من الاستراتيجية في إفادة رجال الأعمال الذين ينوون الاستثمار السياحي في منطقة عسير وكذلك المواطنين لمعرفة مستقبل السياحة في منطقة عسير والأهداف المنشودة خلال السنوات القادمة، ونحن نتمنى من الهيئة العليا للسياحة أن تعمل بجد على أرض الواقع وأن تهتم في تنشيط السياحة وإعادة هيكلة برامجها وتنفيذ توصياتها واستراتيجياتها لكي نصل للهدف المنشود وهو جعل السعودية بلد سياحي غني بمنشآته السياحية وآثاره ومعالمه وأجوائه وطبيعته الخلابة. تطوير دائم تتجه هيئة السياحة وإمارة منطقة عسير في تنفيذ خطة تطويرية شاملة للمواقع السياحية في المنطقة من خلال محورين: المحور الأول: تطوير المنتجات السياحية: تشمل التوصيات العامة لتطوير المنتجات المعتمدة على الطبيعة، تحسين شبكة الطرق والممرات الجبلية - للتنزه وركوب الدراجات وتحسين الطرق ذات المناظر الطبيعية، وإقامة مرافق للتخييم في مواقع عدة وإصدار الأدلة الميدانية الخاصة بالحياة البرية ومشاهدة الطيور، وتسلق الجبال وإيجاد متنزه للحياة الفطرية، وإقامة محمية طبيعية كمشروع تجريبي وتحسين مرافق الحماية ومرافق خدمات الزوار في المتنزهات. أما التوصيات العامة لتطوير المنتجات الثقافية والتراثية فهي كما يلي: إنشاء جمعية للمتاحف والقرى التراثية، ترميم عدد من الطرق ذات الطابع التاريخي الخاص (كطريق البخور، وطريق الفيل، وطريق اليمن للحج والتراث العثماني وعقبة سُهول). ودراسة إنشاء مؤسسة لتحفيز الحماية التاريخية والإسهام في مشروع توثيق التاريخ الشفهي ومتابعة سير مشروع متحف عسير الإقليمي وإنشاء متحف زراعي وإنشاء متحف للعطور والبخور مرتبط بطريق البخور وإنشاء متحف واستمرار مهرجان أبها الصيفي، واقتراح مهرجان للمأكولات. أما التوصيات العامة لتطوير سياحة الرياضة والترفيه والمغامرات، فتمثلت في توسيع أنشطة تسلق الجبال لتشمل مواقع جديدة في المنطقة وتوسيع نشاطات الهبوط المظلي من المرتفعات وتنظيم سباق للدراجات الجبلية مكون من ست مراحل، وتوسيع رياضة الغوص في ساحل عسير، وتطوير نشاط مشاهدة الطيور في مواقع عدة وتوسيع أنشطة التنزه والتخييم في الجبال، تشجيع رياضة الزوارق غير البخارية مثل الزوارق المطاطية، والزوارق الصغيرة في البحيرات وتنظيم الرحلات البرية على الإبل والخيل وسيارات الدفع الرباعي في شرق المنطقة وفي غربها حيث رمال شفقة التي يضرب بها المثل وإنشاء المزيد من المتنزهات المحلية ومرافق الترفيه مثل ملاعب الأطفال في المدن والقرى وبحث جدوى تنظيم محطات توقف في عسير للرحلات البحرية المارة بالبحر الأحمر، والقيام برحلات يومية في البر. أما المحور الثاني: فشمل تطوير المنتجات في مناطق التنمية السياحية في المدن والقرى بما تضمه من مواقع أثرية والتنسيق مع بلديات المنطقة لخدمتها.