يمثل "كنز الملكة المجهولة" المعروض بالمتحف الوطني في الرياض اكتشافا أثريا يعزز أهمية ما تزخر به المملكة من آثار لحضارات قديمة استوطنت الجزيرة العربية. وتعود قصة اكتشاف الكنز إلى حفريات جرت شمال شرق منطقة "ثاج" في المنطقة الشرقية أواخر التسعينيات الميلادية، وأسفرت عن اكتشاف رفات فتاة تبدو ملكة ترقد على سرير من الخشب بدعائم برونزية على شكل تماثيل آدمية. وتضمن الاكتشاف قناعا مذهبا وثلاثة عقود ذهبية وأساور وخواتم وأزواج أقراط وكفًّا ومجموعة كبيرة من الرقائق الذهبية وشرائط ذهبية. ويعكس الاكتشاف جوانب ثقافية لحضارة "ثاج" المتأخرة، أبرزها الجانب التقني المتمثل في صناعة المعادن النفيسة، والمرصعة بالأحجار الكريمة. وقال عوض علي السبالي في دراسته الميدانية، التي صدرت حديثا عن "ثاج" تحت إشراف الهيئة العامة للسياحة والآثار أنها تقع في المنطقة الشرقية على بعد 85 كيلومترا تقريبا إلى الجنوب الغربي من مدينة الجبيل، وتعد من موارد المياه القديمة، حيث تتوافر فيها مياه عذبة تحتوي على آثار كثيرة، كما أنها تقع على طريق القوافل التجارية القديمة المتجهة جنوبا إلى اليمامة والأفلاج ومنها إلى وادي الدواسر ثم إلى قرية الفاو ونجران. وجالت كنوز الملكة المجهولة العالم إلى جانب ما تزخر به المملكة من آثار، حيث عرضت مقتنياتها ضمن معرض "روائع الآثار السعودية" في الدول الأوروبية وأميركا والعالم، ومن ذلك متحف اللوفر بباريس، إذ لفتت كنوز الملكة أنظار الكثيرين من زائري المعرض لما تحظى به المملكة من تراث وآثار تؤرخ لثقافات قديمة وعظيمة ومتعاقبة على مر العصور. ويشير المتخصص في علم الآثار نزار العبدالجبار من جانبه إلى أن "ثاج" تتميز بأنها أكبر موقع هلينستي في المنطقة الشرقية معروف حتى الآن، والفترة الهلينستية من أغنى الفترات في الآثار. وأضاف أنه تتبين ضخامة الدور الذي لعبته مستوطنة ثاج بين سكان الزمن الذي عاصرته بما وجد فيها من مادة أثرية كثيرة، كقطع العملة التي يعود بعضها إلى مصادر يونانية ورومانية وسلوقية وتأثيرات من تلك العملات، والمجسمات الفخارية التي أثبتت الدراسات أنها ذات أصول مختلفة، منها ما هو متأثر بما كان يوجد في بلاد الرافدين وشمال غرب الجزيرة، يضاف إلى تنوع المادة الفخارية واحتوائها على ما هو مستورد من مراكز حضارية كاليونان.