فرض أتباع حركة الحوثيين لغة الدم على الواقع اليمني مجددا، وذلك عقب هجوم نفذوه في محيط قصر الرئاسة اليمنية، راح ضحيته ثمانية قتلى على الأقل وعشرات الجرحى، وتبعته حالة إطلاق نار كثيف ومتبادل مع الجيش اليمني. يأتي ذلك، فيما عاد الاستقرار النسبي إلى العاصمة صنعاء، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين حيز النفاذ. وبررت جماعة الحوثي هجومها برغبتها في الحصول على تعديلات على مشروع الدستور اليمني، وذلك في أعقاب أيام من اختطاف مدير مكتب الرئاسة أحمد عوض مبارك أثناء حمله الدستور اليمني الذي تعترض الجماعة على بعض بنوده. ولم يتوقف التمرد الحوثي عند هذا الحد، إذ طالت نيران مسلحي جماعة أنصار الله موكب رئيس الوزراء خالد بحاح، وذلك بُعيد وصف وزيرة الإعلام اليمنية ندى السقاف الحالة في اليمن ب"الانقلاب"، واتهامها الجماعة بمحاولة اغتيال بحاح. ودخلت الجامعة العربية على خط الأزمة اليمنية، ودعت القوى السياسية إلى وقف فوري وشامل لكل أشكال العنف، واحترام السلطة الشرعية للبلاد، مبدية قلقها البالغ إزاء التطورات المؤسفة الجارية حاليا في اليمن. وفيما أعلن وزير الداخلية اليمني، اللواء جلال الرويشان ومصادر عسكرية في وقت متأخر ليل أمس، عن بدء سريان وقف إطلاق النار في العاصمة صنعاء، أكدت مصادر إعلامية أن الحوثيين أعادوا قصفهم بالصواريخ مواقع تابعة لحرس الرئاسة، كما أكملوا سيطرتهم على المؤسسات كافة التابعة لوزارة الإعلام، مما دعا الوزيرة نادية السقاف إلى القول: إن الحوثيين "يحاولون الانقلاب على السلطة بصورة كلية".
اتهمت وزيرة الإعلام اليمنية، نادية عبد العزيز السقاف جماعة الحوثي بمحاولة الانقلاب على السلطة، وذلك إثر محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الحكومة خالد بحاح، الذي تعرض موكبه لإطلاق نار من مسلحين مجهولين. إضافة إلى إقدام مسلحي الحركة المتمردة على اقتحام معظم مؤسسات الإعلام الرسمية، وإرسال مسلحيهم نحو مبنى الرئاسة، والاشتباكات التي دارت أمس وسقط خلالها قتيلان و14 جريحاً. وكانت العاصمة صنعاء قد استيقظت صباح أمس على مواجهات عنيفة بين المتمردين الحوثيين وقوات الحرس الرئاسي، التي تجمهرت حول مبنى الرئاسة ومنزل الرئيس هادي. ونتيجة لتدهور الوضع الأمني، أغلقت معظم السفارات الأجنبية أبوابها أمس، وأعلن السفيران الأمريكي والبريطاني، دخولهما في مساع لوقف إطلاق النار في العاصمة اليمنية. وتسببت الاشتباكات في توقف شبه تام للحياة بصنعاء، في ظل استمرار الاشتباكات بين الحوثيين والحرس الرئاسي. كما توقف العمل في غالبية المؤسسات الحكومية والأهلية، نسبة لتعذر وصول موظفي المؤسسات الحكومية والأهلية إلى مقار أعمالهم بسبب قطع الطرقات. ولتطويق آثار ما حدث، دعت حكومة الكفاءات جميع الأطراف السياسية إلى التهدئة ونبذ العنف، ودعم المسار السياسي لنقل اليمن إلى بر الأمان. إلى ذلك، تضاربت الأنباء حول مدى تطبيق وقف إطلاق النار، حيث أكد مصدر في الرئاسة اليمنية أن الوضع في محيط دار الرئاسة تحت السيطرة. كما أعلن التلفزيون اليمني، وقف إطلاق النار في محيط دار الرئاسة، مضيفاً أن لقاء سيجمع الرئيس هادي ومستشاريه بحضور الحوثيين. وبدوره، أكد مسؤول في جماعة الحوثي سريان وقف إطلاق النار في صنعاء، إلا أن مصادر ميدانية تحدثت عن استمرار الاشتباكات. وكان مصدر في قوات الحماية الرئاسية قد اتهم الحوثيين بنشر مسلحين وآليات عسكرية في العاصمة، واستحداث نقاط عسكرية. وأضاف أن مسلحين حوثيين رفضوا الانسحاب من بعض النقاط وأطلقوا النار على الجنود، وأن قوات الحماية ردت عليهم. إلا أن مصدرا في الجماعة المتمردة قال إن جنودا هاجموا نقطة تفتيش للمسلحين الحوثيين في دوار المِصباحي القريب من دار الرئاسة مما أدى إلى إصابة عدة أفراد، مشيراً إلى أن الحوثيين ردوا على من وصفهم بالمعتدين، وأن اشتباكات امتدت إلى ميدان السبعين بمحاذاة دار الرئاسة. وكان مسلحون حوثيون قد خطفوا أول من أمس مدير مكتب الرئاسة عوض بن مبارك أول أمس وهو في طريقه لمناقشة مسودة الدستور الجديد التي يعترض الحوثيون على بعض بنودها، وقد أوقفت شركات للنفط والغاز في جنوب البلاد أعمالها تحت ضغط من قبائل المنطقة التي تريد الضغط على جماعة الحوثي ودفعها للإفراج عن مدير مكتب الرئيس. وقال شاهد عيان إن ما وقع بالأمس من اشتباكات بدأت عندما نشر الحوثيون الكثير من مسلحي ما تسمى "اللجان الشعبية" التابعة لهم على طول شارع الستين المطل على دار الرئاسة ومنزل الرئيس، وهو ما دعا الرئيس هادي لعقد اجتماع استثنائي للمجلس الوطني للدفاع، الذي أقر خطة أمنية لاستعادة الأمن في العاصمة.