تعتبر دورة كأس الخليج لكرة القدم أهم بطولة كروية في المنطقة، وتحظى باهتمام كبير، وترتفع فيها وتيرة التنافس بغض النظر عن فارق المستوى أو الجهوزية الفنية. وحافظت دورات الخليج على استمراريتها منذ النسخة الأولى في البحرين عام 1970 حتى الآن حيث ستحتضن الرياض النسخة ال22 من 13 إلى 26 نوفمبر الجاري. وتعود فكرة الدورة إلى الأمير خالد الفيصل الذي أطلقها، ونظمت أولى نسخها في البحرين، حيث عرض فكرتها وفد بحريني على رئيس الاتحاد الدولي (فيفا) السابق الإنجليزي ستانلي راوس خلال أولمبياد مكسيكو عام 1968، فلقي منه التشجيع عليها. ووجهت الدعوة إلى دول الخليج المنضوية تحت لواء الاتحاد الدولي آنذاك وهي السعودية والكويت التي اجتمعت في 19 يونيو 1969 في مقر بلدية البحرين لبحث مسودة نظام الدورة، وعرضت على ممثلي الدول المشاركة فوافقوا عليها بالإجماع واتفقوا على استضافة البحرين للدورة الأولى عام 1970. وشاركت قطر في الدورة الأولى بموجب إذن خاص من الفيفا لأنها لم تكن قد دخلت عضويته حينها. وعلى هامش الدورة عقد ممثلو المنتخبات اجتماعا عدلت خلاله بعض فقرات النظام العام للبطولة فتقرر إقامة الدورة كل سنتين بدل إقامتها سنويا، واختيار السعودية لاستضافة الدورة الثانية، ونصت إحدى الفقرات على أن المنتخب الفائز بالكأس ثلاث مرات يحتفظ بها إلى الأبد على أن تتنافس المنتخبات بعد ذلك على كأس جديدة كما هي الحال في كأس العالم. وسيطرت الكويت على معظم دورات الخليج حتى الآن حيث تملك الرقم القياسي بعدد مرات إحراز اللقب (10 مرات)، مقابل 3 مرات للعراق (قبل أن يبتعد عن البطولة ثم يعود إليها)، والسعودية، في حين أحرزت قطروالإمارات اللقب مرتين، مقابل مرة واحدة لعمان، ولم تنل البحرين واليمن هذا الشرف حتى الآن. الدورة الأولى استضافتها البحرين من 27 مارس حتى 3 أبريل 1970 وشاركت فيها منتخبات الكويت والسعودية وقطروالبحرين، وتفوقت الكويت وتوجت بطلة عن جدارة. وافتتحت الدورة بفوز البحرين على قطر 2-1، وتواصلت بفوز الكويت على السعودية 3-1، وتعادل السعودية مع البحرين صفر-صفر، وفوز الكويت على قطر 4-2، وتعادل السعودية مع قطر 1-1، ثم فوز الكويت على البحرين 3-1. وسجل في الدورة 19 هدفا تبادل تسجيلها 11 لاعبا، وأحرز أول أهدافها البحريني أحمد سالمين، وتوج الكويتي محمد المسعود هدافا لها ب3، واختير القطري خالد بلان أفضل لاعب. الدورة الثانية استضافت السعودية الدورة الثانية وأقيمت المباراة الافتتاحية على ملعب الملز في 15 مارس 1972 بحضور الملك فيصل بن عبدالعزيز، وشاركت فيها 5 منتخبات بعد انضمام الإمارات، واحتفظت الكويت بلقبها بفارق الأهداف عن السعودية. وسجلت البحرين أول حالة انسحاب خلال مباراتها ضد السعودية بسبب سوء التحكيم، وتطبيقا للمادة العاشرة من نظام البطولة، ألغيت نتائج البحرين واعتبرت كأنها لم تشارك. وتصدرت الكويت الترتيب برصيد 5 نقاط بفارق الأهداف عن السعودية، ولكن بعد الدورة تقرر إقامة مباراة فاصلة لتحديد البطل في حال تعادل منتخبين بالرصيد ذاته من النقاط. وتوج السعودي سعيد الغراب هدافا ب7 أهداف، واختير الكويتي فاروق إبراهيم أفضل لاعب في الدورة، والسعودي أحمد عيد أفضل حارس، وسجل في الدورة 40 هدفا بواسطة 17 لاعبا لكن المعدل انخفض إلى 25 هدفا بعد شطب نتائج البحرين. وشهدت الدورة انطلاقة الكويتي جاسم يعقوب إلى النجومية، وكان صاحب الهدف الأول فيها في مرمى السعودية وتحديدا في الدقيقة 16. كان فوز الإمارات على قطر 1-صفر الأول لها على الصعيد الدولي، وبات صاحب الهدف سهيل سالم مسجل الهدف الأول لبلاده. كانت نتائج قطر سيئة جدا في هذه الدورة حيث لقيت شباكها 10 أهداف ولم يسجل لاعبوها أي هدف، كما أنها لم تحصد أي نقطة من 3 مباريات (بعد شطب نتائج البحرين). الدورة الثالثة احتضنت الكويت النسخة الثالثة من 15 إلى 28 مارس 1974 وارتفع عدد المنتخبات المشاركة الى 6 مع انضمام سلطنة عمان. ووزعت المنتخبات على مجموعتين للمرة الأولى وذلك بعد إجراء مباريات في الدور التمهيدي وفازت فيه الكويت على الإمارات والسعودية على قطر بنتيجة واحدة 2-صفر، والبحرين على عمان 4-صفر. وبعد توزيع المنتخبات على مجموعتين، ضمت الأولى الكويتوقطر وسلطنة عمان، والثانية السعودية والإماراتوالبحرين، وصعد الأول والثاني إلى نصف النهائي ولعبا بطريقة المقص. واعتبرت هذه الدورة بداية التطور الفعلي لكرة القدم الخليجية، وللمرة الأولى تضمن حفل الافتتاح فقرات فنية شارك فيها أكثر من ألفي شاب وشابة بحضور أمير الكويت في حينها الشيخ صباح سالم الصباح. وبقي اللقب كويتيا بسهولة بالغة وبسجل ناصع حيث فاز "الأزرق" على السعودية في المباراة النهائية 4-صفر، ولم يفقد أي نقطة وحافظ حارس مرماه أحمد الطرابلسي على نظافة شباكه، محتفظا بالكأس إلى الأبد. وبلغ عدد الأهداف المسجلة في الدورة 45 هدفا بواسطة 22 لاعبا، وسجل أول أهدافها الكويتي جاسم يعقوب، وسجل أسرع هدف الكويتي فتحي كميل في الدقيقة الثانية من المباراة النهائية، وتوج جاسم يعقوب هدافا ب6 أهداف، واختير القطري محمد غانم الرميحي اللاعب المثالي. وسجل كل من جاسم يعقوب وعلي الملا من الكويت وفؤاد بو شقر من البحرين ثلاثة أهداف في مباراة واحدة. الدورة الرابعة نظمت قطر الدورة الرابعة من 26 مارس إلى 15 أبريل 1976، وارتفع عدد المنتخبات بمشاركة العراق للمرة الأولى، وأقيمت الدورة بنظام الدوري من مرحلة واحدة، وهددت قطر بالانسحاب مع إنها الدولة المستضيفة، فخلال اجتماع اللجنة الفنية الذي عقد قبل يوم واحد من الافتتاح، اعترضت المنتخبات المشاركة على وجود لاعبين غير قطريين في صفوف المنتخب المضيف، وبعد مد وجزر استبعد اللاعبان وهما حسن مختار (مصري) وجمال الخطيب (لبناني). ولوح مندوب قطر بالانسحاب فرد عليه ممثلو المنتخبات الأخرى بأنهم سيعودون إلى بلادهم قبل أن يتلقى الأول أمرا من رئيس اللجنة المنظمة بتنفيذ قرار المنتخبات المشاركة حفاظا على سمعة قطر في المحافل الدولية وخشية توقيع عقوبات بحقها إن هي خالفت القوانين. وعلى إثر انتهاء الدورة أعلنت الكويت انسحابها من الدورات المقبلة لكأس الخليج "لأنها بدأت تأخذ مسارا مغايرا للأهداف التي تنظم من أجلها". وكانت قطر صنعت كأسا جديدة للدورة بعد احتفاط الكويت بالكأس الأولى إلى الأبد بفوزها بها 3 مرات متتالية، وبلغت تكاليف الكأس الجديدة في حينها 40 ألف دولار. وأحرزت الكويت اللقب للمرة الرابعة بعد منافسة مثيرة مع العراق، فبعد انتهاء المباريات تعادل المنتخبان نقاطا، وحسب النظام الجديد لا تمنح الأفضلية للمنتخب الذي سجل أهدافا أكثر، فخاض المنتخبان مباراة فاصلة حسمها الكويتي 4-2. وسجل في الدورة 84 هدفا بواسطة 34 لاعباً، واحتفظ الكويتي جاسم يعقوب بلقب الهداف ب9 أهداف، وتقاسم الكويتي فيصل الدخيل والعراقي علي كاظم المركز الثاني ب8 أهداف لكل منهما، واختير السعودي خالد التركي اللاعب المثالي، واختير الكويتي أحمد الطرابلسي أفضل حارس، والعراقي مجبل فرطوس أفضل مدافع، والسعودي خالد التركي أحسن لاعب وسط، والعراقي علي كاظم أفضل مهاجم. الدورة الخامسة في مايو 1977، عقد اجتماع لممثلي الاتحادات الخليجية في الإمارات فطرح اقتراحان ينص الأول على إقامة الدورة كل ثلاث سنوات والثاني يتنبى إقامتها كل سنتين. ونظرا لعدم اكتمال المنشآت الرياضية في الإمارات، اعتذرت الأخيرة عن عدم احتضان الدورة الخامسة، فتقدم العراق بطلب استضافتها وحظي بالموافقة على إقامتها من 27 مارس إلى 10 أبريل 1979. وأحرز العراق اللقب عن جدارة بفوزه في جميع مبارياته، كما أنه لم يدخل مرماه سوى هدف واحد، وحلت الكويت ثانية. ولقيت الكويت الخسارة الأولى منذ انطلاق دورات الخليج وكانت أمام العراق 1-3، وسجل في الدورة 70 هدفاً، وتوج العراقي حسين سعيد هدافا برصيد 10 أهداف. وانتهت 3 مباريات بنتيجة واحدة هي 7-صفر حيث فازت الكويت على الإمارات، والسعودية على قطر، والعراق على عمان. وبرز اللاعب الكويتي الشاب (21 عاما) يوسف سويد الذي تميز بتسديداته القوية، كما تألق السعودي ماجد عبدالله. وتصدر العراق الترتيب برصيد 12 نقطة أمام الكويت (9) والسعودية (8) والبحرين (6) وقطر (5) والإمارات (2) وعمان (من دون نقاط). الدورة السادسة استضافت الإمارات الدورة السادسة من 19 مارس إلى 4 أبريل 1982 وفي اليوم التالي للافتتاح تسلم رئيس الوفد العراقي رسالة من الرئيس صدام حسين طالبه فيها بانسحاب المنتخب العراقي من الدورة لمصلحة نظيره الكويتي الذي كان يستعد حينذاك لتمثيل الكرة الخليجية في مونديال إسبانيا عام 1982. واستقبل منظمو الدورة القرار بالدهشة والاستغراب واجتمع رئيس دولة الإمارات مع رؤساء الوفود المشاركة ورفعوا مذكرة إلى الرئيس العراقي للعدول عن قراره من دون جدوى فاستبعد العراق وألغيت نتائجه. وتوجت الكويت بطلة بعد أن تصدرت الترتيب برصيد 8 نقاط، أمام البحرين (7) والإمارات (6) والسعودية (5) وقطر (4) وعمان (من دون نقاط). وسجل في الدورة 38 هدفاً، كان أسرعها للبحريني يوسف شريدة في الدقيقة الأولى بمرمى السعودية، وتوج 4 لاعبين هدافين للدورة وهم يوسف سويد (الكويت) وماجد عبدالله (السعودية) وإبراهيم زويد وسالم خليفة (البحرين) وسجل كل منهم 3 أهداف. وشهدت البطولة طرد 5 لاعبين هم جمال فرحات (السعودية) وسلطان جمعة (قطر) وسعيد عبدالله (الإمارات) وغلام خميس ومحمد مصيبح (عمان). الدورة السابعة استضافتها مسقط من 9 إلى 26 مارس 1984 واستعاد العراق اللقب من الكويت بتفوقه بركلات الترجيح على قطر. وفي غياب نجوم الكويت، تنافس العراقوقطر على اللقب بشراسة. وتمكنت قطر من التغلب على العراق 2-1، لكنها عادت وخسرت أمام الإمارات، فتعادل المنتخبان نقاطا وخاضا مباراة فاصلة انتهت بالتعادل صفر-صفر قبل أن يحسمها العراقيون بركلات الترجيح ويتوجون للمرة الثانية. وسجل في الدورة 46 هدفا، وتوج العراقي حسين سعيد هدافا برصيد 7 أهداف، وشهدت الدورة فوز الإمارات على الكويت للمرة الأولى في تاريخ دورات الخليج. وتصدر العراق الترتيب برصيد 9 نقاط أمام قطر (9) والسعودية (7) والإمارات (7) والبحرين (4) والكويت (4) وعمان (2). الدورة الثامنة بعد 19 عاما على استضافتها الدورة الأولى، عادت البحرين لتحتضن الدورة الثامنة من 22 مارس إلى 7 أبريل 1986 والتقى في المباراة الافتتاحية منتخبا البحرينوالعراق حامل اللقب وتعادلا سلبا. واستعادت الكويت مستواها الذي أهلها إلى إحراز 6 ألقاب فحلت أولى من دون أي منافسة تذكر بفارق 4 نقاط عن الإمارات. ولعل غياب نجوم العراق أمثال أحمد راضي وعدنان درجال وحسين سعيد بعد أن فضل الاتحاد العراقي ادخار جهودهم لمونديال المكسيك في العام ذاته سهل مهمة الكويت في استعادة اللقب. وسجل في الدورة 56 هدفا كان أولها للكويتي فيصل الدخيل بعد 50 دقيقة في مرمى السعودية، وأسرعها للبحريني حمد محمد بعد 6 دقائق في مرمى السعودية، وتوج الإماراتي فهد خميس هدافا برصيد 6 أهداف. وشهدت الدورة أول فوز للسعودية على العراق في تاريخ المسابقة (2-1)، وأيضا الفوز الأول للبحرين على السعودية (2-1). وتصدرت الكويت الترتيب برصيد 11 نقطة، تليها الإمارات (7) والسعودية (6) وقطر (6) والبحرين (6) والعراق (5) وعمان (1).