يدرك الجميع أهمية الدور الذي تقوم به مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات والمتمثل في تقديم المعلومات الدقيقة عن عدد السكان والمساكن والوضع الاقتصادي والتوزيع الجغرافي ومؤشرات الحسابات الوطنية وغيرها من المعلومات الإحصائية الشاملة والمفصلة التي تُبنى عليها استراتجيات البلاد وخطط التنمية فيها. لكن ومن واقع متابعتي البسيطة أجد بعض المآخذ على عمل المصلحة وخصوصاً فيما يتعلق بالتعداد العام للسكان والمساكن، حيث إن الكثير ممن نتحدث إليهم أو نسمعهم يجزم جزما قاطعاً أن عدد السكان في المملكة يفوق بكثير العدد المعلن في تقارير المصلحة وإحصائياتها وذلك بناء على عدة مؤشرات يستند عليها القائلون بذلك.. ولعلي أتفق معهم إلى حد ما، بل إني قد استمعت لحوار عبر إحدى الإذاعات السعودية الأسبوع الماضي حول هذا الموضوع بالتحديد وكاد الكل يتفق على أن عدد السكان يفوق تقديرات المصلحة بل إن أحدهم جزم أن عدد السكان يفوق الثلاثين مليون نسمة وهو رقم يفوق المُعلن بكثير! ومن باب الاستقصاء والتحقق فقد عمدت لاختيار أحد المراكز في منطقة عسير، وتشير إحصاءات المصلحة إلى أن عدد سكانه لا يتجاوز المائة شخص وبالتواصل مع رئيس المركز اتضح أن المسجلين في عداد التابعين إداريا لذلك المركز يقارب عشرة آلاف نسمة.. ومن هنا يتضح أن الفارق هائل ونسبة الخطأ كبيرة، وفي ظني أن احتمال وجود مثل هذه الأخطاء في مناطق أخرى وارد جداً نظراً لبدائية خطط حملات التعداد العام وافتقارها للتطوير والابتكار، ولذلك فإن اعتماد معايير وأساليب جديدة ودقيقة في عملية الإحصاء السكاني أضحى ضرورة ملحة من أجل تقديرات أكثر دقة ومصداقية. ولعل من السلبيات والهفوات التي تقع فيها مصلحة الإحصاءات العامة هي تعطل موقعها الإلكتروني بشكل متكرر وغياب التحديثات اللازمة والتطوير للموقع لاسيما وأن الموقع بما يحمله من معلومات وإحصاءات يعد قبلةً للباحثين والمهتمين بهذا المجال فضلاً عن أهميته البالغة للوزارات والجهات الحكومية والمسؤولين، والذين أزعمُ أنهم يعتمدون في بناء خططهم واستراتيجياتهم على ما يقدمه الموقع من تقديرات ومعلومات، ومن غير اللائق بموقع يحمل كل هذا الكم المعلوماتي الهام أن يبقى في كثير من الأحيان خارج نطاق الخدمة أو بدون متابعةً وتحديث مستمرين! العملية الإحصائية بشتى أنواعها هي قاعدة قوية وصلبة لتنمية البلدان وتطويرها فضلا عن توفيرها قاعدة بيانات وطنية يعتمد عليها في مجالات شتى، وكلما زادت نسبة الدقة في هذه الإحصاءات كلما كانت المخرجات والنتائج أفضل وأكمل، وهو ما نؤمله في القادم من الأيام بحول الله تعالى.