أعادت مدينة "وعد الشمال" الجاري العمل على إنشائها الحياة والشريان الاقتصادي لمحافظة طريف ولمنطقة الحدود الشمالية مجددا، والتي كان يعيش مواطنوها وشركاتها حالة من الركود الاقتصادي بعد أن توقف تصدير النفط عن طريقها قبل أكثر من 50 عاما، ليمتد حبلها السري في الاقتصاد من شركة "التابلاين" التي يعود لها بناء وتأسيس الجانب المادي والمعنوي في المنطقة سنة 1366 ه، والتي جاءت بأمر من الملك عبدالعزيز آنذاك إلى مشروع اقتصادي عملاق آخر على مستوى العالم من حيث الجودة والكمية والمقرر الانتهاء منه أواخر 2016م. وكان لقرار مجلس الوزراء إقامة مدينة "وعد الشمال للصناعات التعدينية" تقع على مساحة ضخمة شرق محافظة طريف والبالغ تكلفتها 21 مليار ريال، حدثا كبيرا ومن بين أكثر الأخبار أهمية وتداولا خلال العام الماضي بين الاقتصاديين في المملكة وأهالي منطقة الحدود الشمالية خاصة، حيث جاء مشروع الملك عبدالله لتطوير مدينة وعد الشمال وفاء لوعد خادم الحرمين الشريفين لأهالي المنطقة بأن تأخذ المنطقة نصيبها من الرخاء والتنمية. وكان 4 من شهر فبراير من العام الماضي موعدا تاريخيا لأهالي المنطقة الشمالية عندما اجتمع عدد من الوزراء في خيمة صحراوية قرب محافظة طريف 25 كيلومترا، لتوقيع عقود لإنشاء مجمع صناعي حول منجم فوسفات وسكة حديدية جديدة تصل إلى ميناء على الخليج باستثمارات إجمالية تقدر بأكثر من 9 مليارات دولار، ويوفر المشروع الذي دشنه أمير الحدود الشمالية عبدالله بن عبدالعزيز بن مساعد، بمحافظة طريف 20 ألف وظيفة مباشرة و2300 وظيفة غير مباشرة (موظفو المقاولين للخدمات الدائمة للمشروع)، وفقاً لسياسة تهدف لتوطين الوظائف يراعى جلها لأبناء منطقة الحدود الشمالية. وقد بدأت خلال الشهور الماضية مدينة وعد الشمال بخطواتها الأولى للنهوض بالمدينة الصناعية من خلال استقبال طلبات التوظيف للمواطنين وتسجيل الاستثمار لرجال الأعمال، تمهيدا لتأسيس مدينة صناعية تعدينية تعد الأكبر من نوعها، في وقت أكد النعيمي أبان تدشين المشروع أن حجم الاستثمارات المبدئية المتوقعة تبلغ 26 مليار ريال، منها حوالي 21 مليار ريال في مشروع شركة معادن للصناعات الفوسفاتية، فيما ستنفق الحكومة في هذه المدينة مبلغ 4.5 مليارات ريال إضافية للمشروع لإقامة البنية التحتية والسكنية والخدمات وكذلك الربط الكهربائي وسكة الحديد، والتي أعلنت الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)، ترسية مشروع الخط الحديدي الخاص بربط مدينة وعد الشمال بمشروع قطار الشمال للتعدين، بمبلغ 695 مليون ريال (185.3 ملايين دولار)، على إحدى الشركات الوطنية، حيث يبلغ طول المشروع نحو 132 كيلومترا، والذي من المنتظر الانتهاء من تنفيذه خلال سنتين خلال النصف الثاني من عام 2016م. وكان قد أكد وزير العمل المهندس عادل فقيه ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، أن وزارة العمل والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ستعمل جنبا إلى جنب مع وزارة البترول والثروة المعدنية وشركة التعدين العربية السعودية "معادن" في توجههما لتأهيل الكفاءات الوطنية لتوفيرها لفرص العمل التي ستتوافر في مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية. يقول وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة، رئيس مجلس إدارة هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية عن مدينة وعد الشمال: "إن هيئة المدن الصناعية ستصمم وتنفذ وتشغل المرافق الاجتماعية والبنى التحتية اللازمة للمدينة خارج نطاق مشروع معادن للصناعات الفوسفاتية، بما في ذلك المناطق السكنية والتجارية اللازمة لمدينة وعد الشمال لتكون منطقة جاذبة للصناعات التحويلية الأخرى والاستثمارات المختلفة"، وأضاف معاليه في تصاريح سابقة أن الهيئة ستبدأ بتسلّم الأصول المشتركة التي تقع خارج نطاق أراضي مشروع معادن للصناعات الفوسفاتية بعد اكتمالها لإدارتها وتشغيلها، وإجراء الصيانة اللازمة لها، وتخصيص الأراضي للمشاريع الأخرى. ولفت إلى أن الخدمات التي ستقدم لشركة معادن والمستثمرين في مدينة وعد الشمال ستكون بالمستوى الذي يقدم في مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية والجبيل وينبع. مدينة "وعد الشمال" تقع على مساحة 440 كيلومتراً مربعاً خصص منها 150 كليومتراً مربعاً لمشاريع معادن، التي تعد محوراً أساسياً لمدينة "وعد الشمال"، ستستثمر فيه شركة معادن وشريكاها الاستراتيجيان شركة سابك وشركة موزاييك، لإقامة 9 مصانع كبيرة بمقاييس عالمية، منها 7 مصانع في مشروع الملك لتطوير مدينة وعد الشمال بتكلفة تقارب 21 مليار ريال، ومصنعان في مدينة رأس الخير الصناعية بالمنطقة الشرقية بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 16 مليون طن سنوياً لإنتاج مركزات الفوسفات وحامض الكبريتيك وحامض الفوسفوريك، أما باقي المدينة فسيخصص جزء منه للاستثمارات الصناعية الأساسية والتحويلية وللمنافع، في ظل وجود خام الفوسفات جنباً إلى جنب مع حقول الغاز المتوفرة في منطقة حزم الجلاميد ومناطق أخرى مجاورة تجري فيها عمليات تنقيب حثيثة، ما يعزز جعل مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية والمشاريع المصاحبة مشروعاً عملاقاً على مستوى العالم من حيث الجودة والكمية.