أكد استشاري العلاج التحفظي للأسنان الأستاذ الدكتور محمد هاني في مستشفى مغربي بعسير أن حشو الأسنان المعدني المحتوي على الزئبق ليس هو الاختيار الأمثل والأول لدى عيادات أطباء الأسنان، لأن الحشو المعدني الذي تدخل في محتواه مادة الزئبق مشكلة أكثر من كونه علاجا، إذ توصلت الأبحاث في عدد من الدول المتقدمة مثل ألمانيا واليابان إلى أنه يوجد علاقة بين وجود مثل هذا النوع من الحشوات وبعض الأعراض المرضية التي يعاني منها المريض مثل الاكتئاب وسرعة دقات القلب، وقد يكون التفسير المحتمل هو تطاير ذرات الزئبق أثناء عملية حشو الأسنان أو أثناء عملية إزالة هذه الحشوات القديمة. وفي هذا الإطار، أوضح أستاذ العلاج التحفظي بكلية طب الفم والأسنان في جامعة القاهرة الدكتور محمد هاني أن الفرنسي تافوهييه اكتشف العجينة الزئبقية، التي تستخدم على نطاق واسع لحشو ثقوب الأسنان، خاصة أن هذه العجينة حققت لأطباء الأسنان مواصفات ممتازة لأنها تتميز بليونتها وسهولة تشكيلها ومع الاستخدام تعدل العجينة من شكلها لتسد الثقب تماما وتلتصق بجوانب الحفرة السنية. وأضاف أن هناك اعتقادا من جانب بعض الخبراء بأنه ما دامت جزئيات الزئبق لم تنفصل عن حشو الأسنان فلا ضرر منها، وفي سياق هذا الموضوع، قامت منظمة الصحة العالمية بإجراء إحصائية دولية عن عدد حالات حشو الأسنان التي استخدم فيها الحشو المعدني واحتوت على معدن الزئبق، وقد أظهرت النتائج أن عدد الحشوات التي تتم يوميا وصل إلى 157 مليون حشو معدني ثم انخفض هذا العدد عام 1990، ليصل إلى 96 مليون حشو معدني يوميا، وفي إحصائية حديثة للسنوات العشر الأخيرة أظهر هذا النوع من الحشوات انخفاضا ملحوظا في استخدامه. وقد يرجع تقرير منظمة الصحة العالمية هذا الانخفاض أو التراجع الملحوظ في عدد الحشوات المعدنية والتي يدخل في تركيبها معدن الزئبق إلى عدة أسباب، كان من أهمها: ظهور العديد من المواد الحديثة المستخدمة في مجال حشو الأسنان ومعظمها في متناول أطباء الأسنان، والأهم والأحدث من ذلك هو استخدام الكمبيوتر والحاسب الآلي في هذا المجال في التصميم والتصنيع لتلك الحشوات. وأضاف الدكتور محمد أن استخدام الكمبيوتر في حشو وترميم الأسنان جاء نتيجة حتمية للكثير من المحاولات الجادة لاستخدام هذه التقنية الحديثة في مجال حشو وتجميل الأسنان، وكان ذلك في شهر سبتمبر عام 1985، حيث كانت هناك أول حشوة من مادة السيراميك تصنع بواسطة جهاز الكمبيوتر وتوضع في حفرة سنية وتثبت بمادة لاصقة لمريض بمدينة زيوريخ السويسرية. وأوضح هاني أنه مع ظهور بعض العيوب في هذه التقنية في الجيل الأول من هذه الأجهزة تم تطويرها للتغلب على هذه العيوب وتم التغلب عليها مع ظهور الجيل الثاني من هذه التقنية عام 1993، وتبع ذلك تطور إلى الأفضل والقليل من العيوب مع ظهور الجيل الثالث من هذه التقنية عام 2010. وأكد الدكتور محمد أنه خلال السنوات القليلة الماضية حدث تطور مذهل فيما يخص هذه التقنية التي أصبحت بلا مشاكل أو عيوب، وتعتمد هذه التقنية على قياس صورة للحفرة السنية بأنواع خاصة من الكاميرات التي بدورها تنقلها إلى ذاكرة الكمبيوتر ومن ثم يقوم الطبيب بعمل التصميم الملائم للحفر السنية، ومن السهل في الأجهزة الحديثة وهذه التقنية إجراء أي تعديل في هذه المرحلة من قبل البدء في تصنيع الحشو النهائي، وهناك جهاز خراطة ملحق يعمل لاسلكيا وتوضع بداخله مادة السيراميك التي يصنع منها الحشو النهائي، وعند الانتهاء من تصنيع الحشو يتم تجربته داخل الحفرة السنية، ثم وضع مادة لاصقة كي يكون محكما داخل الحفرة وهذه المادة اللاصقة تتميز بمواصفات عالية الجودة لتحمل كل المتغيرات. وأوضح الدكتور محمد هاني أن لهذا النوع من الحشو الكثير من المواصفات المقاربة للسن الطبيعية، فبجانب لونها له نفس لون السن الطبيعية فإنه مقبول لدى النسيج السني، حيث لديه خواص طبيعية تقارب تلك في السن الطبيعية. وكذلك فإن هذا النوع من الحشو له صلابة عالية تماثل صلابة السن الطبيعية، كل هذا بالإضافة إلى خواصه التجميلية كاختيار أمثل عندما يستخدم في تجميل الأسنان الأمامية للتغلب على الكثير من العيوب التي قد تظهر مثل تسوس الأسنان أو وجود كسور بالأسنان الأمامية أو فراغات بين الأسنان. وأخيرا، فإن لهذا النوع من الحشو القدرة على اكتساب اللون الطبيعي، وكذلك المحافظة عليه لمدة طويلة، حيث من النادر حدوث تغيير في اللون ولو بعد فترة طويلة من الزمن.