كشفت الجولات الأربع الماضية من دوري زين السعودي للمحترفين، قدوم الفريق الاتحادي بقوة للمنافسة باستراتيجية فنية رسمها باقتدار مدربه البرتغالي مانويل جوزيه، وهو ما أكدته النتائج التي حققها الفريق، بحصد العلامة الكاملة (12 نقطة) وإبراز قدرة تهديفية بمعدل 2.5 هدف في كل مباراة، بعد أن سجل الفريق عشرة أهداف في أربع مباريات. كما أكدت الجولات الماضية ايضا، صلابة خط الدفاع بتلقي الفريق هدفا وحيدا طيلة الأربع الجولات السابقة. وجاءت هذه الانطلاقة الضاربة للفرقة الاتحادية، مخالفة تماما للوضع الداخلي للنادي وللفريق الكروي على وجه الخصوص الذي تصل فيه الخلافات إلى درجة الغليان سواء على الصعيد الشرفي أو في الفريق نفسه بسبب انفجار مشكلتي القائد محمد نور وعرض اشبيلية الإسباني للمهاجم نايف هزازي. إبحار وسط أمواج الخلافات باتت المشكلات الشرفية التي يعيشها الفريق، واضحة للجميع بتجاذباتها المختلفة وكل متتبع لصخبها الإعلامي يؤكد بأنها ستترك تأثير سيئا على الفريق، إلا أن إدارة النادي بقيادة إبراهيم علوان والجهاز الإداري وعلى رأسه المشرف العام محمد الباز، يحسب لهم النجاح حتى هذه المرحلة في عزل الفريق والإبحار بسفينته بعيداً عن أمواج الخلافات الشرفية، إلا أن هذه السفينة واجهت اختبارا حقيقيا في عاصفة أزمة اللاعب محمد نور التي استمرت لمدة 50 يوما، حيث كانت بدايتها بعد خلافه مع المدرب في بداية فترة الإعداد، ثم ما صاحبها غياب اللاعب عن معسكر الفريق في البرتغال وكذلك مقاطعته للتدريبات بعد العودة إلى جدة، قبل أن تنتهي الخلافات باحتواء الأزمة وانخراط اللاعب مع زملائه اللاعبين. نهج فني متزن الوضع الفني الذي ظهر به الفريق، عكس المجهود الكبير الذي بذله المدرب خلال معسكر مدينة ابيدوس البرتغالية، وأنه أي المدرب نجح في إحداث نقلة في أسلوب أداء الفرقة الاتحادية نحو أسلوب اللعب السلس الذي يعتمد في الوصول إلى المرمى من أقصر الطرق بالتركيز على الكرات العرضية وترجمة الهجمات باسلوب تقليدي باستخدام رأسي حربة هما نايف هزازي وعبدالملك زيايه، وهذا يفسره تسجيل هذا الثنائي لثمانية أهداف من أصل عشرة أهداف أحرزها الفريق، فيما سجل زميلهما المهاجم الشاب الهدف التاسع فيما جاء الهدف العاشر من كرة ثابتة سددها مدفعجي الفريق سعود كريري. والواضح أن جوزيه جهز نفسه جيدا للاعتماد على هذه الاستراتيجية في الوصول إلى مرمى الخصوم لذلك طالب الإدارة بالتعاقد مع الثنائي البرتغالي، الظهير الأيمن باولو جورج ولاعب الوسط المتقدم نونو أسيس اللذين انصهرا سريعا في البوتقة الفنية التي رسمها جوزيه للفريق. كما أن الدراسة الفنية التي أجراها جوزيه للفريق بعد مشاهدته للعديد من أشرطة الفيديو الخاصة بمباريات الفريق في العام الماضي، وضعت الجانب الدفاعي في قلب معادلة الأداء الفني وركزت عليه كثيرا، فالاتحاد في المواسم الماضية خسر كثيرا بسبب دفاعه الذي لم يكن سيئاً من الناحية العناصرية، لكنه كان يفتقد للتنظيم والاندفاع المبالغ فيه نحو الهجوم، لذلك كان يتعرض للكثير من الإحراج أمام الفرق الصغيرة وهو ما عمل جوزيه على تعديله من خلال تأكيده على لاعبي الدفاع بالانضباط في مناطقهم وعدم التقدم كثيرا إلى الأمام مما غيب لاعبي هذا الخط عن إحراز الأهداف التي كانوا من المساهمين في تسجيلها بكثافة في المواسم السابقة. المحك الحقيقي سيدخل الفريق بعد فترة التوقف في دوامة المباريات القوية التي سيكون أولاها أمام منافسه التقليدي فريق الأهلي، والأخير يمر بظروف صعبة أدت إلى تلقيه ثلاث خسائر متتالية، إلا أن مباريات الفريقين لا تعترف كثيرا بالمقاييس الفنية. وبعد الأهلي، سيواجه الاتحاد، فريق الرائد الحصان الأسود في الجولات السابقة، وينتهي الشهر الحالي بمواجهة ملتهبة ومنتظرة، يلتقي فيها بفريق الهلال في قمة مباريات الدوري. وعلى الرغم من أهمية هذه المرحلة، إلا أن ما يبعث الاطمئنان في نفوس الاتحاديين، هو عودة اثنين من ركائز الفريق وهما محمد نور والعائد من الإصابة أسامة المولد اللذان سيكون لعودتهما تلك، تأثيرها الإيجابي في جميع اللقاءات.