أذكر أنني قرأت في إحدى صحفنا موضوعا عن (احتكار مجالس الإدارات)، جاء فيه أن الاحتكار يقتل الإبداع، ويمنع المبدعين من حقوقهم، لأنه يحصر المصالح في دوائر ضيقة، ولا شك أن الاحتكار موجود في العديد من الوزارات والإدارات الحكومية إلى جانب المؤسسات والشركات والجمعيات، وأن لدى كل مجلس محتكر من المبررات ما يكفي. حقيقة أن هذا الموضوع أثار شجوني ودفعني لإبداء مخزوني مما أعرفه عن الاحتكار الذي ما أنزل الله به من سلطان، فاحتكار الأمر على مجموعة من المسؤولين في تلك الوزارة أو المؤسسة وخاصة إذا كان المسؤول رجلا أو امرأة يحمل الدكتوراه في أي تخصص فستجد هذا المسؤول الدكتور يرأس اللجنة الفلانية، والثالثة والخامسة وعضوا في اللجنة الفلانية والثانية والسابعة وهلم جرا، وستجده عضو شرف بمثلها، وكأنه ليس بهذا البلد غير هذا الولد، فلم هذا الاحتكار بينما تجد في الوزارة أو الإدارة أو المؤسسة أو الشركة عشرات المسؤولين إن لم يكن منهم من هو على درجة من الفهم والإدراك والتفكير يتفوق على ذلك المسؤول أو يماثله، وقد لا يحمل الماجستير وربما لا يحمل البكالوريوس، ولكنه صاحب تجارب كثيرة ومراس طويل في الحياة. أما الذي أريد أن أصل إليه في هذا الموضوع وأشدد عليه فهو الاحتكار في الصحف بأجمعها في كتابة المقالات والأعمدة الصحفية اليومية إذ إنها احتكرت على أشخاص معينين أمضى البعض منهم أكثر من عشرين وثلاثين بل أربعين سنة وهو يكتب بتلك الصحيفة أو المجلة لدرجة أن بعضهم قد لا يجد أحيانا ما يكتب عنه فيضطر للكتابة عن صديقه فلان أو يمتدح علانا أو يتحدث عن رحلته لجزر واق الواق أو أن يكون مجرد سرد تاريخي لبعض المواقف مما لا يهم القارئ، ولا أرى نية عند رؤساء التحرير لتبني كتاب من الشباب أمضوا زمنا وهم يتشبثون بالصحافة وتراهم يكتبون ويكتبون ولكن لا ينشر لهم سوى نزر يسير مما يكتبون علما وحسب تجاربي أن مثل هؤلاء النشء حينما يكتبون يتلذذ القراء بما يكتبونه لأنه غالبا ما يكون في الصميم، يتحدثون عن قصور وإهمال في خدمات الوطن والمجتمع لا يدركها الكثير من الكتاب المحتكرين للصحافة بل تجد البعض من الصحف تخصص صفحة واحدة أو أقل للناشئين أو قل للمتشبثين بالصحافة كصفحة الرأي في الرياض وعزيزتي في الجزيرة وعزيزي رئيس التحرير في اليوم ونقاشات في الوطن ومنبر القراء في المدينة وعلى الرغم من صغر المساحة فإنها تحجب من الظهور في بعض أيام الأسبوع، بل إن الاحتكار يطال تلك الصفحة أحيانا وأنه لا بد من وجود علاقة مع محررها وإلا فلا نصيب لك بنشر مقالاتك إلا في الوقت الضائع! وحقيقة أن الاحتكار يدفن المواهب تحت كثبان الرمال ويقتل الإبداع بمناشير وليس بسكاكين ويمنع المبدعين من حقوقهم في الصحافة والثقافة ويحرم القراء من الاطلاع على مواهب وإبداعات الناشئين، فإذا لم نفسح المجال لمثل هؤلاء فكيف نخلق صحفيين جددا أو ننشئهم، فالدوام لله لذا أدعو إلى فك الاحتكار في الصحف لنحصل على مبدعين ومجددين في حقل الصحافة، فهل يستجيب رؤساء التحرير؟ أتمنى ذلك.