لطالما عرفت البرازيل بالجمالية والإبداع والأسلوب الهجومي الرائع الذي صبغ منتخباتها بأقدام لاعبين أسطوريين مثل: بيليه وجارينشا وجايرزينيو وليونيداس وريفيلينو، مرورا بزيكو وسقراطيس وفالكاو، وصولا إلى رونالدو وروماريو، لكن ما حصل في نصف نهائي مونديال 2014 على أرضها سيترك جرحا عميقا في قلب عشاقها الذين شاهدوها تنهي مشاركتها بهزيمة أمام هولندا (صفر-3) على المركز الثالث. نجحت البرازيل في استضافة النسخة ال20 للمونديال رغم الشكوك التي فرضت نفسها قبيل انطلاق البطولة لتأخر الأعمال في الملاعب والتظاهرات والإضرابات المطلبية، لكنها أخفقت على أرضية الملعب شر إخفاق بعدما تلقت أسوأ هزيمة في تاريخ مشاركاتها في كأس العالم بخسارتها في الدور نصف النهائي 1-7 أمام ألمانيا. حلم البرازيليون بإحراز اللقب العالمي على أرضهم منذ منحت بلادهم حق استضافة النسخة ال20 في 30 أكتوبر 2007 وذلك للمرة الثانية بعد عام 1950، ودخلوا المونديال وهم متفائلون بحظوظهم خصوصا أن مدربهم "سكولاري" قادهم من قبل إلى اللقب الخامس والأخير عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن "سيليساو" الذي كان يعول كثيرا على نجم برشلونة الإسباني "نيمار"، حيث تلقى ضربة قاسية جدا قبل ثوان معدودة على احتفاله بالتأهل إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ 2002 بفوزه على كولومبيا 2-1. وأنهى الألمان الحلم البرازيلي، ففي غياب نيمار، لم يكن هناك من "منقذ"، فمن أين سيأتي بوجود مهاجمين عاجزين مثل "فريد وجو" أو "هولك أو برنارد" الذي حل بدلا من نيمار أمام ألمانيا، وخط وسط عاجز عن خلق الفرص، ولم يشفع للبرازيليين في مشوارهم الأخير سوى عملاق الدفاع "دافيد لويز" الذي كان الأفضل على الإطلاق بفضل مجهوده الرائع والحيوية التي أعطاها للمنتخب، لكن حتى... مباراة ألمانيا التي انهار فيها كغيره من زملائه وبدا كأنه لاعب هاو في مواجهة لاعبين من كوكب آخر! ما هو مؤكد أن لاعبي البرازيل كانوا ليقدموا أداء أفضل لو كانت البطولة في مكان آخر، وذلك لأن الضغط الجماهيري والآمال الكبيرة المعلقة عليهم جعلتهم يعانون نفسيا، ما دفع المدرب إلى الاستعانة بطبيبة نفسانية لمساعدتهم، خصوصا بعد اللحظات الصعبة التي عاشوها في الدور الثاني حين اضطروا لخوض ركلات الترجيح لتخطي جارتهم الأخرى تشيلي (1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي). وقد بدا التأثر واضحا على غالبية اللاعبين وعلى رأسهم الحارس "جوليو سيزار" و"دافيد لويز" والقائد "تياجو سيلفا" الذين بكوا طويلا بعد ضمان وصول بلادهم إلى ربع النهائي. وبعد تلك المباراة، بدأت الشكوك تساور الجمهور البرازيلي ووسائل الإعلام المحلية حول قدرة اللاعبين على التعامل مع الضغط الناجم عن السعي إلى إحراز اللقب العالمي على أرض "سيلسياو"، وقد شاهد العالم بأجمعه "نيمار" وهو يبكي خلال أداء النشيد الوطني البرازيلي قبيل صافرة انطلاق المباراة الافتتاحية ضد كرواتيا (3-1)، ولم تفارق الدموع المنتخب البرازيلي منذ تلك اللحظة. وقد قال النجم السابق "كارلوس ألبرتو" الذي كان قائد المنتخب المتوج باللقب العالمي عام 1970: "الفريق يبكي خلال أداء النشيد الوطني، عندما يتعرضون (اللاعبون) للإصابة، عندما يسددون ركلات الترجيح!... بالله عليكم، توقفوا عن النحيب! هذا يكفي". وفي نهاية المطاف، اجتمعت جميع الظروف لتسقط "سيليساو"، من الضغوطات النفسية إلى إصابة "نيمار" وغياب "تياجو سيلفا" وصولا إلى الاصطدام بالماكينة الألمانية.