أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس أن جوهر الصيام و فحواه ولبه ومغزاه تحقيق تقوى الإله سبحانه وتعالى. وقال في خطبة الجمعة أمس: "يدرك المكلفون أن الصيام إنما شرع لمقاصد عظمى وأحكام جلى، بها يجدد المسلم شيمه التعبدية المحمودة ويعاود انبعاثاته في الخير المعهودة، فيترقى في درجات الإيمان وينعم بصفات أهل البر والإحسان، حيث لم يقف الشارع الحكيم عند مظاهر الصوم وصوره من تحريم تناول المباحات والطيبات فحسب، بل إنما عمد إلى سمو الروح ورقي النفس وحفظها و تزكية الجوارح والصعود بها من الدرك المادي إلى آفاق السمو الروحي والعلو الإيماني". وبين الشيخ السديس، أن فريضة الصيام جاءت لتحقيق المصالح و تكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، كما تحققت فيها الضرورات الخمس واليسر ورفع الحرج، ولهذا جاء هذا المقصد العظيم في ثنايا آيات الصيام كما اختص الله عزوجل هذه العبادة دون سائر العبادات من حيث نسبتها إليه. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: "تبرز مقاصد الصيام في حفظ الدين وتحقيق التقوى التي هي الغاية القصوى والهدف الأسمى من فرض الصيام، وكذا في المحافظة على العبادات وتلاوة القرآن والذكر والدعاء والاعتكاف، كما تتجلى مقاصده في حفظ النفس وحبسها عن الغرائز والشهوات وانبعاثها في الطاعات وفي حفظ العقل وكبح جماحه بتضييق مجاري الشيطان وكسر سورته وإزالة الهواجس والأوهام، وفي حفظ العرض بالكف عن الغيبة والنميمة والبهتان، وفي حفظ المال بالبذل والإنفاق وعدم الإسراف والتبذير، والإحسان إلى الفقراء والمساكين والمنكوبين". وأكد أن مقاصد الصيام لا تتحقق وتنعقد مراشده إلا باتباع هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، داعياً إلى تقوى الله والتراحم والتسامح والتصافح والتصالح وتحقيق مقاصد الصيام قولا وعملا، وقال: "رمضان فرصة لاستشعار المعاني السامية التي قصدها الدين الإسلامي، والتأسي برسول الله صلى الله عليه و سلم في هذا الشهر العظيم، والتمسك بنهجه القويم والاعتصام بحبل الله المتين، والاحتكام إلى شريعته وبيان محاسنها والدفاع عن مبادئ الإسلام". وأوصى الشيخ السديس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بأن ينعموا بهذا الشهر الكريم، ويعملوا فيه على إعزاز قيم التسامح والاعتدال والتراحم فيما بينهم، ولعله بإذن الله ومنه وكرمه يكون تثبيتا لوحدة الأمة الإسلامية وترسيخا لدعائم الأمن والاستقرار لهذه البلاد المباركة بلاد الحرمين الشريفين القوية بعقيدتها ووحدة أبنائها وتلاحم رعاتها ورعيتها، مما تتهاوى أمامه بإذن الله سهام الحاقدين، وتدحر من جرائه مزايدات دعاة الفتنة والحاسدين، ويحفظ فيه وطن التوحيد والوحدة وتصان مقدرته ومكتسباته. وفي المدينةالمنورة، تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي، عن اللذة التي ينالها العبد في طاعته ومناجاته وعباداته لربه عز وجل, والتي تغلف القلب بالطمأنينة والفرح والبهجة, وتزيل عنه الكدر والهم الذي تجلبه المعاصي والآثام. وعدّد فضيلته الطاعات والعبادات التي يشعر المؤمن الذي يداوم على أدائها بحلاوة الإيمان, وقال: "يتلذذ الناس بما يتلذذون به, ويستمتعون بما يستمتعون به, غير أن تلك الملذات زائلة فانية, بل منها ما ينقلب إلى حسرات, واللذة الحقيقية هي اللذة المعنوية, لذة القلوب, لذة العبادة, التي تجعل المسلم في أعلى درجات السعادة واللذة". وكان أكثر من مليون مصلٍ من الزوار والمعتمرين أدوا صلاة أول جمعة في شهر رمضان بالمسجدين الحرام والنبوي الشريف، الذي امتلأت جنباتهما وأروقتهما بالمصلين الذين توافدوا منذ الصباح الباكر من هذا اليوم المبارك، وامتدت صفوف المصلين إلى الطرق والأحياء القريبة من الحرم النبوي وساحات المسجد الحرام. ووفرت وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي كافة الخدمات للزوار والمصلين، مما مكنهم من أداء الصلاة بكل يسر وسهولة في أجواء روحانية سادها الأمن والأمان والسكينة والخشوع، فيما أوضح مدير شرطة منطقة المدينةالمنورة اللواء عبدالهادي بن درهم الشهراني، أن كافة منسوبي القطاعات الأمنية المرتبطة بالأمن العام شاركوا في تنفيذ الخطة الأمنية لصلاة الجمعة بروح الفريق الواحد، مستشعرين ثقل المسؤولية الملقاة على عواتقهم.