يضحك الشاعر أحمد الملا طويلا، وهو يتلقى سؤال "كيف واجهتم سياسة التقشف، واستمررتم في تنفيذ مهرجان المسرح"؟، قبل أن يشير بوعي لدور المؤسسات في تفعيل واجبها تجاه المجتمع، لافتا إلى دور أرامكو في تبني مشاريع ثقافية، يأتي هذا المهرجان الذي ينطلق اليوم في مقدمتها. مبادرتان من شركة أرامكو السعودية والمهرجان الوطني لتراث والثقافة الجنادرية أنقذتا الحركة المسرحية في المملكة من شلل توقع حدوثه كثير من المسرحين جراء قرار التقشف الذي اتخذته الجمعية العربية للثقافة والفنون، قبل فترة، وانعشتا الصيف بحدثين مسرحيين، الأول ينظمه فرع الجمعية بالدمام ويطلقه اليوم، والآخر ينظمه فرع الجمعية بالطائف، يطلقه بعد غد. عام 2002 شهد إطلاق النسخة الأولى من مهرجان الدمام للعروض القصيرة ليكون المساهم الأهم في تنشيط وتطوير الحياة المسرحية في المنطقة الشرقية، وتوفير فرصة للتنافس والتواصل بين التجارب المسرحية المحلية، وتشجيع روح العمل الجماعي والتنافس الخلاق بين المسرحيين ودعم وتشجيع الطاقات الشابة وتحفيزها على اختبار قدراتها الفنية، واكتشاف مواهب جديدة وتهيئتها للمستقبل. بدأ المهرجان آنذاك كنشاط محلي داخلي مخصص لأعضاء قسم المسرح في الجمعية والمسرحيين المهتمين في المنطقة من أجل خلق فضاءات مسرحية جديدة في مجال التأليف والإخراج والإعداد والتمثيل والأداء والتقنيات الفنية، وذلك من خلال البحث والتجريب والعمل الجماعي المشترك. شهدت الدورة الأولى مشاركة ستة فرق مسرحية أهلية، قدمت عروضاً متفاوتة المستوى من هواة، وجدوا في هذه المسابقة فرصة سانحة لاختبار ممكناتهم في مجال المسرح. وكانت المسابقة قد بدأت ووفق ما أعلن اسمها (المسرح المفتوح) في اعتماد فكرة الفضاء المفتوح لتقديم العروض المسرحية المشاركة وكان الدافع آنذاك هو خلق مناخ للبحث والتجريب خارج إطار العلبة الإيطالية، وذلك لتحفيز الفرق المشاركة على استغلال زوايا المقر وإعادة بناء مكان عرض يتناسب، وذلك لعدم توافر صالة عرض في مقر الجمعية. وبحسب فيلم قصير، انتجه فرع الجمعية، تواصلت دورات المسابقة، على ذات المنوال، وتمكنت من خلق حالة مسرحية كانت غائبة، فالمسابقة فتحت أبوابها لمسرحيين شباب، ليختبروا هوسهم بالمسرح، وإمكاناتهم، ويقدموا عروضاً تختلف عما يقدم من عروض ترفيهية في الملاهي والمجمعات التجارية، تحولت إلى فضاء خصب للمسرحيين الشباب وبلغ عدد العروض المشاركة في المهرجان حتى دورته التاسعة 79 عرضا تعدى مجموع كوادرها 1100 بين ممثل ومخرج ومؤلف وفني وموسيقار. كما تخللت المهرجان عروض مستضافة لفرق سعودية وخليجية وندوات حوارية ونقدية تعقب كل عرض بهدف قراءته ومناقشة نقاط القوة والضعف فيه. ومضى المهرجان عاماً بعد عام يحدث نقلات نوعية في الثقافة المسرحية عند سكان المنطقة، ويفتح الباب لموهوبين اعتمدوا على أنفسهم في صقل موهبتهم المسرحية في ظل غياب المعاهد المتخصصة، فكانت خشبة مسرح المهرجان حاضنة لهم. بزغت منهم نماذج مشرفة أثبتت إبداعها واختصاصها في جوانب المسرح المختلفة كالنصوص والأدائيات والسينوجرافيا والإخراج وتقنيات المسرح وغيرها. لجنة المهرجان تبنت بعض عروض المهرجان المميزة ورعايتها لتمثل فيما بعد جمعية الثقافة والفنون والمملكة في المهرجانات الخليجية والعربية. ومن هذه العروض: مسرحية مجرد استفهام لا لفرقة نورس، ومسرحية المزبلة الفاضلة لفرقة مواهب، ومسرحية كسر حاجز الصوت لفرقة آفان. كما دأب المنظمون على تكريم شخصيات لها جهود في خدمة المسرح وإثراء الثقافة المسرحية في المنطقة، على هامش المهرجان، وأطلقت أسماء بعض المكرمين على بعض دورات المهرجان تخليدا لذكراهم وهم إبراهيم الصديقي، وعبدالرحمن المريخي، ونضال أبو نواس، وشاكر الشيخ. أما اللجان المنظمة لنشاط الجنادرية المسرحي، فتطلق في الطائف الأحد المقبل في الفترة ما بين ال15 وحتى ال23 من يونيو الجاري، المسابقة المسرحية لهذا العام، الذي خصصت له ثلاث جوائز خصصت لتحفيز النواحي الإعلامية لفعالياته. وأوضح مدير عام المهرجان الوطني للتراث والثقافة رئيس اللجنة التنظيمية لنشاط الجنادرية المسرحي بالطائف سعود بن عبدالله الرومي، أن النشاط المسرحي يستمر لمدة أسبوع، واعتمدت جائزة التميز الصحفي لأفضل تغطية في الصحف الورقية، وجائزة التميز الصحفي لأفضل تغطية للصحف الإلكترونية، أما الجائزة الأخيرة فهي تختص بالتصوير الضوئي وهي جائزة التميز لأفضل صورة ضوئية. يذكر أن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة – نشاط الجنادرية - للمسرح، يتجدد بعد توقف دام حوالي 3 سنوات متصلة، واختيرت للمشاركة بالمهرجان 8 فرق مسرحية، وتتابع عروض المسابقة لجنة تحكيم مكونة من المسرحيين عبدالعزيز عسيري، وصبحي يوسف، محمد الجفري. كما أن المهرجان الذي ترعاه وتنظمه وزارة الحرس الوطني، بالتعاون مع فرع جمعية الثقافة والفنون بالطائف، سيكرم ثلاثة ممن خدموا المسرح السعودي وهم الفنان محمد منصور المنصور، والكاتب المسرحي عباس أحمد الحايك، والفنان سامي صالح الزهراني. ما بين مسابقتين - مهرجانين في شرق البلاد وغرب البلاد، يعيد المسرحيون، صعودهم لخشبات المسرح، رغم مصاعب الوقت والمكان، مطلقين تساؤلاتهم، وربما ألسنتهم، أمام "التثقشف".