سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"يومان وليلة".. الأكثر حظا في الفوز ب"سعفة كان" الإصدارات الأميركية تتوقع فوز الفيلم البريطاني "السيد تيرنر" ثم التركي "بيات شتوي" أو الموريتاني "تمبوكتو"
مع استمرار العواصف الممطرة على الجنوب الفرنسي، تتواصل فعاليات الأيام الأخيرة من مهرجان "كان" السينمائي في دورته السابعة والستين، ومع انقشاع الشمس وعودتها وشدة الرياح ولسعة البرد، يبدأ بحث الجميع من ضيوف ونقاد وصحافيين وحتى كبار النجوم عن المظلات، أو اللجوء إلي قصر المهرجان للاحتماء من الأمطار والهواء الشديد. ومن الواضح أن المدينة الصغيرة بدأت تشهد ازدحاما كثيفا مع اقتراب المهرجان من نهايته، خصوصا مع توافد الفرنسيين لحضور الحفل الختامي للمهرجان مساء اليوم، والذي يصادف عطلة رسمية بسبب الانتخابات الأوروبية. أنهى سوق الفيلم المقام على هامش المهرجان أعماله، وبدأت الشركات والمؤسسات وبعض الدول المشاركة في "القرية الدولية" بإزالة ملصقاتها وتفريغ أجنحتها، مما كان فيها من كتب وبروشورات ووسائل دعاية مختلفة، ولم يبق في المكان سوى جناح تظاهرة تحمل عنوان "شورت فيلم كورنر" أو "زاوية الفيلم القصير"، وهي تظاهرات عمرها لا يتجاوز الخمسة أعوام، وتشهد ازدحاما لمشاهدة الكم الكبير من الأفلام القصيرة للمخرجين الشباب وبالذات من المعاهد السينمائية. صراع صراع رهيب بين نشرات المهرجان اليومية، فبينما تركز الإصدارات الأميركية في توقع فوز الفيلم البريطاني "السيد تيرنر"، أو التركي "بيات شتوي"، أو الموريتاني "تمبوكتو"، منحت غالبية الإصدارت الفرنسية درجات عالية لفيلم "يومان وليلة"، وأكدت استحقاق المخرجين البلجيكيين الأخوين "جان بيير"، و"لوك داردان" للسعفة الذهبية عن فيلمهما الجديد، والذي يتعرض إلى قضية في غاية الحساسية، حيث موضوع البطالة التي باتت تهدد المجتمعات في أنحاء أوروبا إثر الأزمات الاقتصادية الخانقة. يستعرض المخرجان حياة امرأة يتم إبلاغها بأنه سيتم فصلها، وأن القرار سيتم التصويت عليه خلال يومين من قبل مجموعة من العاملين معها، ويبدأ تحرك تلك المرأة التي تعاني أصلا أزمات اقتصادية ومشاكل زوجية، وحالة اكتئاب، بالاشتراك مع زوجها على مدى يومين وليلة من أجل إقناع زملائها من العاملين معها للبقاء في عملها. معاناة امرأة وعبر تلك الرحلة تتكشف معاناة امرأة وألم مجتمع يرزح تحت الضغوط المالية الصعبة التي تواجه الأوربيين، ومع كل شخصية تلتقي بها هناك حكاية ودلالات، فأحدهم يرفض التعاون لأنه يريد أن يحصل على عوائد إضافية في حالة إقالتها، وآخر يضحي من أجل أن تبقى المرأة تعمل، وكم من الحكايات والصراع المادي الذي يطحن الفقراء، وأيضا التهديدات بعدم تجديد العقود إذا ما تم التصويت لصالح المرأة، والتي تلعب دورها الممثلة الفرنسية العالمية "ماريون كوتيار"، المرشحة بالفوز كأفضل ممثلة عن تجسيدها لهذا الدور. ورغم أن قصة الفيلم تبدو عادية، لكن كاميرا الأخوين "داردين" القلقة في معظم مشاهد المرأة وهي تبحث بصعوبة عن فرصة البقاء في عملها تبين حالة الإحباط والقلق التي يعيشها الكثير من الأسر في أوروبا، وإذا حقق الأخوان "داردان" الفوز الليلة بالسعفة الذهبية، فسيمثل بالنسبة لهما المرة الثالثة للفوز بهذا الوسام الرفيع، وكانا قد فازا بالسعفة مرتين من ذي قبل الأولى عام 1999 عن فيلم "روزيتا"، والثانية كانت عام 2002 عن فيلم "الابن". ومع تناثر الترشيحات هنا وهناك، يبدو أن أسهم فيلمي "السيد تيرنر" لمايك لى و"بيات شتوي" لنوري بليج جيلان، قد تأرجحت باعتبارهما الأوفر حظا، ومع إسدال ستار التوقعات جاء فيلم "يومان وليلة" ليغير كل التوقعات السابقة، ويزيح فيلم "تمبوكتو" من الصورة نهائيا، وأتصور أن الذروة ستكون الليلة مع إعلان لجنة التحكيم عن الفيلم الفائز لعام 2014. أفلام السيرة الذاتية وتأكيدا لتوجه دورة هذا العام باعتبارها تكرس لفكرة أفلام السيرة الذاتية، تم بالأمس عرض الفيلم الجديد للمخرج البريطاني الكبير "كين لوش"، والذي حمل عنوان "صالة جيمي"، ورصد دور المناضل الأيرلندي "جيمي جرالتون" الذي قام ببناء قاعة للرقص والفنون، وسرعان ما تحولت تلك القاعة إلى مكان لتجمع الشباب الأيرلندي، وإحدى المحطات الأساسية التي رسخت مسيرة الثورة في ذلك البلد الذي عانى الكثير خلال الاحتلال البريطاني. وفي الفيلم نتابع حكاية "جيمي" الذي نفي مرتين إلى الولاياتالمتحدة، في المرة الأولى لمدة 10 أعوام عاد بعدها من جديد، ليعيد افتتاح الصالة التي كان قد أسسها، والتي باتت موعدا للجميع للحضور، والحوار، والرقص، والغناء، إلا من بعض المتحالفين والعملاء. وخلال عودته إلى بلاده يحيط به مجموعة من المريدين، والذين يرون في عمله نوعا من النضال ضد التسلط والاحتلال، لهذا يفجرون طاقتهم بالفرح، والرقص، والغناء، والعمل الدؤوب من أجل تجميع الأجيال، وترسيخ حضور المرأة كجزء أساسي من المجتمع، في مقابل رفض من فئات متعاونة ومأجورة. والفيلم في مجمله يتمحور حول الموسيقى في تلك المرحلة من مطلع القرن الماضي، مع عشرات الحكايات المتداخلة التي تظل تشتغل على موضوع الموسيقى والرقص.