يبقى البون شاسعا بين الصورة والقضية العربية المطروحة على شاشة الدورة ال67 لمهرجان كان السينمائي، وبين أجنحة العرب في القرية الدولية وسوق الفيلم. وبينما يمثل السينما العربية فيلم وحيد هو "تمبوكتو" للمخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو، والذي يتناول موضوع الجماعات المتطرفة، تسعى خمسة أجنحة لدول عربية إلى الترويج والتسويق لأعمالها ومهرجاناتها السينمائية وورشها الفنية، وتبادر إلى دعوة الراغبين بتصوير الأفلام فيها، وتقديم كافة أشكال الدعم اللوجستي على أرضها، رافعة بذلك أعلام بلادها في محاولة لتأكيد وجود السينما العربية، وعدم خفوت ضوئها، رغم ما تعانيه من مشاكل وأزمات. وما بين حرص بعض الدول على عرض أحدث إنتاجاتها السينمائية، كما فعل لبنان من خلال فيلميه الروائي الطويل "طالع نازل" لمحمود حجيج، والوثائقي الطويل "طيور أيلول" لسارة فرنسيس، وتونس التي تقدم فيلمي "شلاط تونس" لكوثر بن هنية، والفيلم القصير "يوم دون امرأة" لنجوى سلامة، تبقى دولة مثل مصر بتاريخها السينمائي الكبير موجودة بفيلم قصير مشارك رسمياً في ال"سيني فاونديشن"، بعنوان "ما وقع بعد افتتاح مرحاض عمومي عند الكيلومتر 375"، للمخرج عمر الزهيري، بالإضافة إلى جناح تنظمه وزارة السياحة المصرية، تحت شعار جذب تصوير الأفلام. وفيما تسعى الإمارات، من خلال جناح القرية الدولية، للترويج لمهرجاني أبوظبي ودبي السينمائيين، وصندوقي "سند"، و"إنجاز"، مع عرض بعض إنتاجات الأفلام القصيرة للمخرجين الشباب، وتسليط الضوء على صناعة الأفلام السينمائية والأعمال التلفزيونية في الإمارات، تأتي قطر في مشاركتها الرابعة بالمهرجان، لتعزز من فرص التلاقي والتبادل بين المواهب الشابة وكبار المخرجين، مثل عباس كياروستامي، وإيليا سليمان، وحكيم بالعباس، وآخرين، مع مشاركتها في سوق الأفلام والجزء المخصص للأفلام القصيرة في كان، وورشة عمل المنتجين. ولكن يبقى السؤال، هل تستطيع تلك الأجنحة العربية في "كان السينمائي" لعام 2014، تقليص المسافة بين وجود فيلم عربي حقيقي يشارك في مسابقات المهرجان المختلفة، وبين نشاطات سوق الفيلم والقرية الدولية؟ من المؤكد أننا سنحتاج إلى مزيد من الوقت للإجابة، لكن الوسيلة التي تلعب من خلالها تلك الأجنحة دورها في تعزيز الطبيعة المزدوجة للسينما، والتي تكمن في أنها ثقافية واقتصادية في آن واحد، خصوصا إذا عرفنا أن سوق المهرجان لهذا العام يحتوي على 10500 مشارك، و1500عرض، وأنه يسهم في دينامية الصناعة العالمية للسينما، تجعل من الواجب فعل هذا إن لم نمتلك أعمالا ترقى لمستوى المشاركة الرسمية، وأن نحقق على الأقل مقولة "التمثيل المشرف"، من خلال الحدث الدولي الأبرز لصناعة الأفلام.