أحمد علي العمودي تتميز المسؤولية المجتمعية بأنها تنطلق من منطلقين متوازيين هما الالتزام والتطوع، وهي واجب على منشآت القطاع الخاص كشكل من أشكال رد الجميل للمجتمع الذي أسهم في تطور أعمالها وتشكيل أرباحها. وبالرغم من تركيز منشآت القطاع الخاص على المبادرات ذات التأثير طويل المدى مجتمعياً أو على حياة الأفراد، إلا أن العمل الخيري والمسؤولية المجتمعية تجمعهما دوافع مشتركة نابعة من المبادئ الأخلاقية وعمل الخير للمجتمعات المحلية وسد أو تلبية احتياجاتها الأساسية. في هذا الجانب بالذات تتعدد صور الشراكة بين الجمعيات الخيرية ومنشآت القطاع الخاص ضمن إطار التنمية المستدامة عبر برامج ومبادرات المسؤولية المجتمعية، وهناك العديد من الصور المضيئة والتجارب الناجحة لهذه الشراكة التكاملية التي حققت كثيرا من العطاءات والتميز. وبالرغم من ذلك هناك من يطالب بالفصل التام بين العمل الخيري وبين مبادرات وبرامج المسؤولية المجتمعية، ففي البداية يجب أن نتفق بأن ليس كل مبادرات المسؤولية المجتمعية يمكن وصفها بأنها ضمن العمل الخيري، ولكن تلتقي جهود المسؤولية المجتمعية والقطاع الخيري في جانب المساعدات والخدمات الاجتماعية، وتتجاوز هذا لتشمل تلبية حاجات المجتمع التنموية والبيئية وغيرها. وتظهر أهمية دور الجمعيات الخيرية في إنجاح مبادرات المسؤولية المجتمعية في حال اعتبار أن الجمعيات الخيرية هي في الأصل بيوت خبرة تزود مؤسسات القطاع الخاص بما تحتاجه من معلومات ودراسات مسحية في المجال التنموي والاجتماعي بهدف استثمار هذه المعلومات لإطلاق المبادرات الأنسب والأكثر احتياجاً للمجتمع وطريقة تنفيذها على الوجه المطلوب، الذي يصنع فرقاً حقيقياً على أرض الواقع. وبالرغم من ذلك يجب أن تتفهم الجمعيات الخيرية فكر المسؤولية المجتمعية لدى قيادات القطاع الخاص على الوجه الصحيح بهدف تحقيق التكامل وبناء الشراكات بين المنظمات الخيرية أو منظمات المجتمع المدني وبين القطاع الخاص وترجمة مشاريع المسؤولية المجتمعية ترجمة حقيقة واقعية تحقق الفائدة لجميع الأطراف. نتفق جميعاً بأن المسؤولية المجتمعية تتجاوز بمفهومها عن العمل الخيري لا سيما أن مفهومها أوسع وأنها تسعى لتحقيق جملة من الأهداف التي تخدم المنشأة وصورتها الذهنية وتخدم المجتمع كذلك، وبالرغم من ذلك فالمسؤولية المجتمعية لا تتعارض مع العمل الخيري وليست بديلاً عنه ويجب أن يكمل كل منهما الآخر. من الضروري أن تفكر قيادات القطاع الخيري والتطوعي بعقلية منشآت القطاع الخاص في اقتراح وإدارة وتنفيذ برامج ومبادرات المسؤولية المجتمعية من خلال تحقيق التوازن بين أصحاب المصالح، واعتماد سياسة الجودة والشفافية، وإدارة المشروعات المقرونة بدراسات جدوى، والالتزام المجتمعي، وتحقيق الاستدامة لكي يتم تحقيق النجاح والريادة في التكامل والشراكة بين القطاع الخيري والقطاع الخاص. وأخيراً التأكيد على أن القطاع الخيري يمتلك مقومات وإمكانات تؤهله للشراكة والتكامل مع برامج ومبادرات المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص، والمسؤولية المجتمعية لا تعد بديلاً عن العمل الخيري أو التطوعي، فضلاً عن ضرورة التمييز بين مفهومي المسؤولية المجتمعية والعمل الخيري الحضاري، وأهمية السعي لتحقيق تكامل فريد وشراكة مثمرة بين القطاعين الخاص والخيري لخدمة المجتمع بشكل أفضل.