يهتمون بأصواتهم.. ويعملون على تحسينها والمحافظة عليها فهي مصدر رزقهم، يتسابقون لحفظ الأبيات الشعرية، والألحان الموسيقية التي عادة ما تكون محلية.. وعادة ما يصحب تلك الأصوات حركات استعراضية تسويقية.. يتنافسون على جذب المتسوقين والباعة.. تمر بين أيديهم صفقات بمئات الألوف وفي بعض الأحيان تصل إلى الملايين.. كل ذلك على ما لا يملكونه.. إنهم "الدلالون"، الذين يجنون نهاية يومهم بحة الصوت، بعد ساعات طوال من الوقوف تحت أشعة الشمس. والدلالة.. هي مهنة لجأ إليها بعض المتسببين والمتقاعدين من ذوي الدخل المحدود لتأمين لقمة العيش بعرق الجبين.. في مزادات أسواق الحراج التي تعرض لمتسوقيها بعض الأثاث المستعمل والخردوات وكذلك تنظيم مزادات الجهات الحكومية من حين لآخر. "الوطن" بدورها رصدت واقع سوق حراج الخردوات الجديد بمدينة جازان وتلمست احتياجات أصحاب المحلات من الدلالين والعاملين فيها الذي كشفوا عن معاناة تمتد لعشرات السنين، ومنها تجاهل عدد من الجهات الحكومية لهم في مزاداتها ومن يقوم بدورهم من بعض موظفيها ويرون أن ذلك مخالف للأنظمة والتعليمات. تجاهل "حكومي" حيث أكد ل"الوطن" شيخ طائفة دلالي جازان صالح صديق أن الدلالين يعانون من تجاهل بعض الجهات الحكومية لهم في تنظيم مزاداتها لبيع بعض أثاثها وأجهزتها وسياراتها المستعملة ومن يقوم بمزاولة ذلك هم موظفوها دون وجه حق وتقتصر فقط على مشاركة شيخ الدلالين دون الدلالين المرخص لهم نظاماً بممارسة المهنة. وأشار صديق إلى أنهم ينظمون مثل هذه المزادات منذ نحو 20 عاما، وما فاجأهم تجاهل تلك الجهات لهم مما دفعهم إلى تقديم شكاوى متعددة لإمارة جازان وبعض الجهات المعنية بهم للحد من تجاوزات تلك الجهات في حقوقهم، وقال "للأسف لم تتجاوب تلك الجهات مع إلزام مخاطبات الإمارة لها بالتعاون مع شيخ طائفة الدلالين ومن يعمل معه في تنظيم مزاداتها والتقيد بالتعليمات والأنظمة حيال ذلك وتمكينه من القيام بأداء عمله". توقف الخطابات فيما وصف أحد دلالي سوق الحراج بجازان عبده الدوسري بأنه في السابق كانوا يتلقون بصفة رسمية خطابات من الدوائر الحكومية تشعرهم بموعد المزاد العلني المزمع إقامته لديها لبيع عدد من السيارات الحكومية والسيارات المصادرة شرعا وبيع الرجيع من السكراب وبعض الأعيان التالفة، ولكن للأسف توقفت عنهم هذه الخطابات من بعض الدوائر الحكومية إذ فوجئوا بمنعهم وعدم تمكينهم من القيام بمهام عملهم كدلالين دون أسباب تذكر. بلا رخص ويصف أحد أصحاب المحال بسوق حراج جازان علي علاقي حال الدلالين بالضحية، حيث وقعوا ضحية اشتراطات وضعف في السوق رغم انتقالهم إلى مقر سوق الحراج الجديد، وقال "رغم انتقالنا إلى الموقع الجديد للحراج، لكننا لم نتمكن من استخراج رخص لمحلاتنا، بسبب رفض الدفاع المدني استخراج تصاريح لهم بحجة عدم توفر اشتراطات الأمن والسلامة في جميع المحلات بالسوق"، وطالب علاقي بعمل شبكة لمضخات دفع مياه الحريق، وكذلك إغلاق الفتحات في تلك المحلات. وبين علاقي أن كل تلك المطالب كان يجب على الأمانة والمستثمر تنفيذها قبل نقلهم إلى السوق حيث إن الدلالين ليس لديهم الإمكانية لتوفير مضخات وإغلاق الفتحات. وأشار إلى أن مشروع الحراج يفتقر إلى مصلى ومواضئ، إضافة إلى تعطل دورات المياه بسبب غياب الصيانة والرقابة، وكذلك ضعف في الكهرباء التي تنقطع بين الحين والآخر وأن تمديد الكهرباء لأكثر من 20 محلا عن طريق عداد 100 أمبير. مهنة منسية وتحسر سعيد القحطاني على حال مهنة الدلاله، قائلا "أصبحت مهنة الدلالة منسية، وتعاني من تهميش كبير في دورها من خلال الانتقال إلى سوق جديد يفتقر إلى الأساسيات، أبسطها غياب النظافة التي تسببت في تراكم النفايات أمام المحلات بشكل غير مقبول". ودعا القحطاني إلى ضرورة تدخل الجهات المعنية للنظر في واقع المزادات الحكومية وإشراك الدلالين في تنظيمها كونهم من ذوي الدخل المحدود، والدلالة هي مصدر رزقهم الوحيد. مرحلة أولى ل"السوق" وأوضح الناطق الإعلامي بأمانة جازان بالنيابة المهندس عبدالرحمن العبسي ل"الوطن" أن إنشاء سوق الحراج الجديد يأتي ضمن خطة الأمانة التنظيمية، حيث سعت إلى تحسين وضع الحراج من خلال نقله من موقعه السابق الواقع في وسط المدينة بحي العشيماء، ومراعاة لوضع أصحاب المحلات قامت الأمانة بطرح مشروع لإنشاء سوق جديد تم الانتهاء من المرحلة الأولى من السوق التي تحتوي على 24 محلا بالإضافة إلى دورات مياه عامة, وبوفيه, وساحة شاسعة للحراج. وأشار المهندس العبسي إلى أنه تم الاتفاق مع المستأجرين على إيصال التيار الكهربائي حسب حاجتهم من حيث قوة التيار لمواقعهم رغبة من الأمانة في سرعة عملية نقلهم إلى الموقع الجديد قامت الأمانة بعملية توصيل لكل محل وعلى حسابها الخاص ضمن العدادات الخاصة بإنارة شوارع ومرافق السوق الخدمية كحل مؤقت. وحول ما يخص المصلى حرصت الأمانة على أن يتضمن مخطط المنطقة الصناعية الذي يقع الحراج على جزء منها عددا من المساجد موزعة داخل المخطط حسب الكثافة منها ما هو منفذ ومنها ما هو تحت التنفيذ. مؤكداً حول توفير وسائل اشتراطات الأمن والسلامة، فالتنسيق جار مع المختصين بإدارة الدفاع المدني بالمنطقة حيال إعداد مخططات شبكة السلامة. تنظيم المزادات وأوضح المتحدث الرسمي لإمارة جازان علي زعلة أمس أن الآلية المتبعة في المزادات الحكومية هي تشكيل لجنتين، الأولى للتثمين والأخرى للبيع بمشاركة شيخ طائفة الدلالين فقط. وأكد زعلة حول مطالب الدلالين بإشراكهم في مثل هذه المزادات الحكومية في حال تقدمهم بشكوى رسمية للإمارة، التي بدورها سوف تنظر فيها حسب الأنظمة والتعليمات. ومن جانبه أكد مدير مصلحة الجمارك بجازان زياد العرادي ل"الوطن" أمس أن هناك لجنة البيع تابعة للجمارك هي من تقوم بتنظيم المزادات الخاصة بها ولا علاقة لشيخ الدلالين ومن معه بمزادات الجمارك كون المزاد يقام في منطقة حدودية "محظورة".