انسحبت أمس آخر كتيبة مقاتلة أمريكية من العراق حيث بقي ستة و خمسون ألف جندي أمريكي مكلفين بتأهيل الجيش العراقي، في حدث وصفته واشنطن ب"اللحظة التاريخية". وقال ناطق باسم الجيش الأمريكي اللفتنانت كولونيل اريك بلوم إن "نصف الجنود غادروا جوا والنصف الآخر برا. بقي أمامهم بضعة أيام لتنظيف التجهيزات وإعدادها ليتمكنوا من إرسالها ثم يرحل آخر الجنود". ومن المقرر بقاء خمسين ألف عسكري أمريكي في البلاد بعد 31 أغسطس، الموعد الذي حددته الولاياتالمتحدة لإنهاء مهمتها القتالية في العراق، وسيتولى هؤلاء مهام تدريبية واستشارية. ويفترض أن تغادر كل القوات الأمريكية العراق قبل نهاية 2011 بموجب اتفاق أبرم مع بغداد، في الوقت الذي يصر فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما على احترام هذا الجدول الزمني. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي الذي كان يتحدث مباشرة على شبكة التلفزيون الأمريكي "إم إس إن بي سي" بينما كانت تعرض ليلا صور الدبابات الأمريكية وهي تعبر الحدود العراقية-الكويتية إنها "لحظة تاريخية". لكنه ذكر أن الالتزام الأمريكي في العراق ثابت وطويل الأمد. وأشار إلى أن حرب العراق التي أدت إلى مقتل 4400 أمريكي وكلفت واشنطن ألف مليار دولار، كان لها "ثمن باهظ". وأضاف "قمنا باستثمارات هائلة في العراق وعلينا القيام بكل ما في وسعنا للحفاظ على هذا الاستثمار وليدخل العراق وجيرانه في وضع أكثر سلمية بكثير يخدم مصالحهم ومصالحنا". وفي رسالة مؤرخة في 18 أغسطس نشرت على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض، رحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بانتهاء المهام القتالية للقوات الأمريكية في العراق من دون الإشارة إلى انسحاب آخر الفرق القتالية الأمريكية ليل الأربعاء الخميس. وكتب أوباما في الرسالة "اليوم، أعلن بسعادة أنه بفضل الخدمة المذهلة لجنودنا ومدنيينا في العراق، ستنتهي مهمتنا القتالية هذا الشهر وسننجز انسحابا مهما لقواتنا". ويأتي انسحاب الكتيبة الرابعة غداة تفجير انتحاري استهدف الثلاثاء مركزا لتجنيد المتطوعين في الجيش في بغداد وأدى إلى سقوط 59 قتيلا وجرح مئة آخرين على الأقل. ويأتي انسحاب القوات القتالية الأمريكية بينما يشهد العراق أزمة سياسية عميقة عجزت فيها الأحزاب السياسية العراقية الكبرى عن الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بعد خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من مارس،حيث اتهم ائتلاف دولة القانون المجلس الأعلى الإسلامي في العراق بزعامة عمار الحكيم أحد مكونات الائتلاف الوطني بعرقلة مفاوضات تشكيل الحكومة لوقوفه ضد رغبة المرجعية الدينية الشيعية بالنجف في تجديد ولاية المالكي. فيما أبدت القائمة العراقية استعدادها للتحالف مع الائتلاف الوطني لغرض تشكيل الحكومة، منتقدة المواقف التي تتجاهل استحقاقها الدستوري والانتخابي في اختيار مرشحها لمنصب رئيس الوزراء. أمنيا ذكرت مصادر بالشرطة العراقية أن مدنيا قتل أمس، وجرح ثلاثة آخرون جراء انفجار عبوة ناسفة زرعت بالقرب من مبنى محكمة عراقية، جنوبي بغداد.