سائقون فرحون، ومتسولون قلقلون.. هذا هو الحال بعد أن أتم فريق عمل من إدارة مرور منطقة عسير والأمانة، إزالة كافة الإشارات الضوئية الواقعة على طريق الملك فهد الرابط بين مدينتي أبها وخميس مشيط، فسالكو الطريق يرون في هذه الخطوة إنهاء لمعاناتهم من جراء الانتظار أمام الإشارات الضوئية لوقت طويل، وما يفرزه ذلك من تلبك مروري، وازدحام في حركة السير، في حين أن المتسولين يرون أن ذلك فوت فرصة سانحة كانت تدر عليهم مالاً، من خلال استدرار عواطف السائقين، ومرافقيهم أثناء توقفهم أمام الإشارات. وفي رصد ل"الوطن"، لوحظ قبل إزالة الإشارات أن غالبيتها بدءا من خميس مشيط ووصولا إلى أبها، لا تكاد تخلو من وجود متسول أو أكثر. فيما أكد أحد الأطفال المتسولين أنه يتم توزيعهم من قبل أناس كبار في السن منذ الصباح الباكر على الإشارات، والأماكن العامة وفي نهاية اليوم يتم جمع حصيلة ما تم حصده في ذلك اليوم من خلال الأطفال، والنساء، وكبار السن، مضيفاً أن الإشارات ذات الأربعة تقاطعات هي الأكثر فائدة في عمليات التسول. ويشير المواطن عبدالله القشيري إلى أن أعداد المتسولين أمام الإشارات الضوئية في تزايد مستمر، مرجعا السبب في ذلك إلى طيبة المجتمع السعودي، وتعاطفه أكثر من اللازم، مشيرا إلى أن المتسولين أحدثوا كثيرا من المشاكل من أبرزها السرقة، وإزعاج السائقين ومرافيقهم، مؤكداً كذب غالبية الادعاءات التي يفتعلونها، إذ يستخدمون البكاء والأطفال ذوي العاهات لاستعطاف قلوب الناس ودفعهم إلى مساعدتهم. ويرى ضرورة أن يكون المواطن أكثر وعيا وفهما وألا ينساق وراء ادعاءات هذه الفئة التي أصبحت مصدر قلق للمواطنين، وبدأت تشكل ظاهرة خطيرة تفضي إلى العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. أما المواطن حاتم البشري، فأكد أن "وجود متسولين على مدار الساعة تقريباً، أمام الإشارات، أمر يؤكد أن العملية ليست عفوية، أو تلقائية بل منظمة، وتتم إدارتها بطريقة مقصودة، تهدف إلى جمع الأموال، وقد يكون في ذلك تأثير سلبي على أمن المجتمع والوطن"، مشدداً على ضرورة تفهم المواطنين لتلك النقطة، وأن يدفعوا بأموالهم إلى الجمعيات الخيرية المعترف بها. وقال المواطن محمد الشهراني، إنه "بإزالة الإشارات الضوئية من عدد من طرقات أبها وخميس ومشيط، وتحديداً طريق الملك فهد، فإن الحركة المرورية أصبحت أكثر انسيابية، ولم يعد للمتسولين وجود، بعد أن كانوا يشكلون مصدر إزعاج حقيقي لسالكي الطريق". ويشير المتحدث الرسمي للشؤون الاجتماعية في منطقة عسير علي الأسمري إلى أن الآلية المتبعة لعمليات الضبط هي أن تتولى الجهات المعنية في كل محافظة القبض على المتسولين وإحالة السعوديين منهم إلى مكتب المتابعة في الشؤون الاجتماعية لبحث حالاتهم، واحالة المقيمين إلى إدارة الجوازات لمعرفة أوضاعهم ومدى نظامية إقامتهم من عدمها"، مشيرا إلى أن نسب المواطنين المتسولين لا تتجاوز 7% من إجمالي المضبوطين. وأوضح أن "ضبط المسؤولين مسؤولية مشتركة بين عدد من الجهات، ويلعب المواطن دورا رئيسا في ذلك، إذ يجب تحييد العاطفة، ووضع أمن ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار، فيما يتعين على المتصدقين توجيه أموالهم إلى الجهات الخيرية الرسمية". من جهته، أوضح المتحدث الرسمي لمرور عسير المقدم محمد العسيري، أن "فريق عمل من أمانة ومرور المنطقة أزال31 إشارة ضوئية في عدد من التقاطعات الهامة في أبها وخميس مشيط، وجرت الاستعاضة عنها بحلول هندسية بديلة، أسهمت في انسيابية حركة السير، والحد من الاختناقات المرورية". ولفت إلى أن البداية كانت بتجربة إلغاء إشارة التموين بطريق الخميس أبها، وبعد أن ثبت نجاحها تم تعميمها على كامل طريق الملك فهد "أبها خميس مشيط"، حيث تم إلغاء ثماني إشارات بمدينة أبها، و23 إشارة ضوئية في محافظة خميس مشيط، وكان لطريق الملك خالد "خميس مشيط – المدينة العسكرية" النصيب الأكبر". وأضاف أن ما تحقق يعود إلى ترجمة توصيات مجلس التنسيق المروري على أرض الواقع، وما طرحته أمانة المنطقة، من مبادرات تهدف إلى إلغاء الإشارات لتحقيق الانسياب المروري.