أكد استشاري متخصص في علاج الحول عند الأطفال أن 50% من الأطفال المصابين بالحول يصابون أيضا بالكسل في العين المنحرفة أو الضعيفة، وأن المخ لا يتعرف إلا على الصور التي تأتيه من العين السليمة فقط. وقال رئيس قسم الأطفال والحول في مستشفى المغربي بعسير الدكتور محمد مصطفى إن الحول هو عبارة عن عيب بصري في وضعية العينين، فتظهران بشكل غير متوازن، وتشير كل منهما إلى اتجاه مختلف وقد تكون إحدى العينين في اتجاه مستقيم تشير للأمام بينما تنحرف العين الأخرى للداخل أو للخارج أو للأعلى أو للأسفل، وقد ينتقل هذا الاختلال بين العينين، وتظهر هذه الحالة عادة عند الأطفال، كما تظهر في مراحل متقدمة من العمر، ويظهر الحول بنفس النسبة عند الذكور والإناث، وينتقل بنسب ضئيلة وراثيا من الآباء إلى الأبناء. وعن كيفية عمل العينين معا يوضح الدكتور مصطفى أن الشخص السليم تشير عيناه إلى نفس النقطة ويقوم الجهاز العصبي بدمج الصورتين في شكل صورة واحدة ثلاثية الأبعاد وهي التي تعطي الإحساس بالعمق. وعندما تنحرف إحدى العينين يتم إرسال صورتين مختلفتين للمخ وعندما تظهر الحالة في طفل صغير فإن المخ يتعلم أن يتجاهل الصورة الصادرة من العين المنحرفة ويرى فقط الصورة الصادرة من العين المستقيمة أو التي ترى بصورة أفضل، ونتيجة لذلك يفقد الطفل الإحساس بالعمق وتبدأ رحلة كسل العين. وأضاف أنه يمكن علاج كسل العين بتغطية العين السليمة عدة ساعات يوميا لعدة أسابيع لتقوية وتحسين الرؤية في العين الضعيفة، وعادة ينجح العلاج إذا تم تشخيص كسل العين في السنوات الأولى من العمر. أما إذا تأخر العلاج فيصبح كسل العين حالة دائمة لدى الطفل، وكقاعدة فإنه كلما تم تشخيص كسل العين مبكرا تحسنت القدرة على الرؤية لدى الطفل. وعن تشخيص المرض قال مصطفى إنه يجب فحص عيني الطفل بواسطة طبيب عيون متخصص قبل أو عند بلوغه سنة من العمر في حالة ظهور حالات سابقة من الحول أو كسل العين في عائلة الطفل، ومن الطبيعي أن تظهر عيون الأطفال حديثي الولادة بشكل متقطع يشبه الحول كما أنه من الطبيعي أن تكون أنوف الأطفال عريضة ومسطحة مع وجود ثنية من الجلد عند الجزء الداخلي لجفن العين، مما يعطي العينين شكل الحول، وهذا الشكل الكاذب للحول يتحسن بل يختفي مع تقدم الطفل بالسن، ويستطيع طبيب العيون التمييز بين الحول الحقيقي والحول الكاذب. وعن أسباب الإصابة بالحول أكد استشاري العيون أنه لا يوجد سبب واضح للإصابة به، ويجب أن نعلم أن هناك ستة عضلات هي التي تتحكم بحركة العين الواحدة، وتتصل تلك العضلات بالعين من الخارج وفي كلتا العينين توجد عضلتان تحركان العين لليمين ولليسار، بينما الأربع عضلات الأخرى تحرك العين لأعلى ولأسفل ولأي زاوية مائلة، ويجب أن تعمل العضلات معا في كلتا العينين بشكل متوافق بموازاة اتجاه العين بنفس الشكل المتناسق، ويتحكم المخ بحركة تلك العضلات لذلك يظهر الحول في بعض الأطفال الذين يعانون من الحالات التالية: شلل، استسقاء أو أورام المخ أو خلل وظيفي في مركز الأبصار بالمخ، ويمكن أن ينتج الحول أيضا بعد جراحة إزالة المياه البيضاء. أما أعراض الحول التي يوضحها الدكتور محمد فإن العرض الرئيسي هو وجود عين غير مستقيمة وفي بعض الأحيان، والطفل المصاب به تنحرف إحدى عينيه أو يميل رأسه محاولة لاستعمال كلتا العينين معا. وأوضح استشاري العيون أن الهدف الرئيسي من علاج الحول هو: الحفاظ على قوة الإبصار، وتصحيح وضع واستقامة العينين، وأيضا استعادة الرؤية السليمة ثلاثية الأبعاد لكتا العينين. ويقرر طبيب العيون أسلوب العلاج بعد فحص شامل للعين إما بارتداء نظارة طبية أو بالجراحة لتصحيح الاتزان في عضلات العين أو بإزالة المياه البيضاء في حالة وجودها وبتغطية العين السليمة لعلاج كسل العين في العين الضعيفة. وتتلخص جراحة الحول في أن يقوم الاستشاري جراح الحول بعمل فتحة صغيرة في ملتحمة العين التي هي الغشاء الشفاف المحيط بالعين لكي يصل إلى العضلات المحركة للعين ويتم تثبيت العضلة بالخيوط وتعديل وضع العضلات حسب اتجاه الحول وانحراف العين وتتم تلك الجراحة تحت تأثير مخدر عام. وتكون فترة النقاهة بعد الجراحة قصيرة بحيث يستطيع المريض ممارسة حياته الطبيعية بعد عدة أيام قليلة من إجرائها، وقد يحتاج لارتداء نظارة طبية في بعض الأحيان بعد إجراء الجراحة، كما قد يحتاج لجراحة أخرى تكميلية في قليل جدا من الحالات بعد عدة أسابع لإبقاء وضع العينين في الوضع الطبيعي. وبالنسبة للأطفال المصابين بحول دائم تكون الجراحة المبكرة فرصة ممتازة لإمكانية إعادة العينين للعمل بشكل طبيعي ويفضل إجراء هذه الجراحة للطفل قبل سن الدراسة، وتوجد بعض المخاطر لجراحة الحول مثل العدوى أو النزيف ويحدث هذا في حالات قليلة جدا وجراحة الحول إجراء أمن وفعال لعلاج انحراف العين ولكنها لا تغني عن استعمال النظارة الطبية أحيانا أو علاج كسل العين الناتج عن الحول. وبين استشاري العيون والحول أنه يوجد علاج جديد للحول وذلك بموافقة منظمة الأدوية والأغذية الأميركية على الاستعمال المحدود لعقار جديد يسمى "بوتوكس" كبديل لجراحة الحول ويحقن هذا العقار في عضلات العين المنحرفة مما يؤدي لارتخائها وشد العضلات المعاكسة فتعود العين لوضعها الطبيعي، ورغم أن تأثير العقار يبقي في الجسم لعدة أسابيع فقط، إلا أنه في بعض الحالات يؤدي إلى تصحيح دائم لوضع العينين.