أكد المشرف على مركز اضطرابات النوم بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بجدة الدكتور أيمن بدر كريم، أن اضطرابات النوم الإلكترونية التي نشأت من خلال الإفراط في استخدام وسائل التقنية، خاصة قبل النوم تهدد الأجيال. وأوضح أن "من أعراض هذا النوع الجديد من الاضطرابات، عدم قدرة المرء على البقاء وحيدا لفترة وجيزة، والحرص الشديد على التواصل مع الآخرين في جميع الأوقات، وقد أصبح هذا العَرَض منتشرا هذه الأيام نتيجة لاستخدام أدوات الاتصال الحديثة بشكل مفرط، ومن ضمنها الهاتف النقال". يقول: "من المألوف أن تجد أحدهم لا يقوى على مقاومة إلحاح العبث بهاتفه الجوال بصورة متكررة خلال الساعة الواحدة، سواء لأمر ضروري، وتنسيق موعد مهم، أو لتمضية وقت الفراغ، والحديث أثناء القيادة، أو قبل الخلود للنوم عن أمور يمكن تأجيلها، أو لكتابة نص رسالة ليست بتلك الأهمية، وإرسالها بشغف للجميع". وأضاف الدكتور كريم أن تنافس شركات الاتصال في تقديم أفضل الخدمات بأقل التكاليف، والحافز النفسي الذي تذكيه إعلانات أدوات الاتصال والمعلومات بمختلف أنواعها، ساعد بشكل واضح على انتشار استخدام المكالمات والرسائل، وجعلها عادة أكثر منها حاجة لدى كثير من الناس، أوصلت بعضهم إلى حد الإدمان السلوكي الاجتماعي، ومما زاد من فرط الارتباط بالهاتف النقال، احتواؤه على خاصية الاتصال بالإنترنت مما جعل من السهل تصفحها لاسلكيا". وبين أن "فرط استخدام وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة أسهم في انتشار ثقافة السهر، أدى ذلك إلى شيوع اضطرابات النوم في كثير من المجتمعات البشرية، ومنها الحرمان المزمن من النوم، والأرق، والقلق، واختلال أوقات النوم والاستيقاظ، واضطراب نظام الساعة الحيوية، إضافة إلى فرط النعاس أثناء النهار". وأشار الدكتور كريم إلى أن "سهولة تصفح شبكة الإنترنت، واعتماد تقنيتها لإنجاز كثير من الأعمال، والإفراط في استخدامها إلى ساعات متأخرة من الليل، جعلها أحد أسباب اختزال الفرد الساعات الضرورية لنومه، وتعرضه لبعض السلوكيات غير السليمة المصاحبة، مثل كثرة التفكير، والإفراط في تناول المنبهات، والتدخين، وارتفاع حدة التوتر، مما ضاعف من حجم المشكلة". ويرى المشرف على مركز اضطرابات النوم بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني، أن "وسائل الاتصال الحديثة كالهاتف الجوال - بالرغم من أهميتها – تساعد على رفع حدة التوتر النفسي، وتشتيت الانتباه، وضعف التركيز، وحتى زيادة المشكلات العائلية"، مؤكدا على ضرورة الابتعاد عن عوامل تشتيت الذهن، كالإنترنت، والهاتف النقال، والتلفاز، والتخلص من التوتر قبل النوم عن طريق إغلاق الهاتف النقال، أو تركه في الوضع الصامت. وقال "إن النوم العميق أكثر المراحل تأثرا بفرط استعمال الهاتف النقال، مما يتسبب في ضعف الاستفادة من ساعات الراحة الضرورية، وقلة التعرض لهرمون النمو الضروري لصيانة أعضاء الجسم، وترميم أنسجتها خلال هذه المرحلة". وعن التأثيرات السلبية للهاتف النقال على طبيعة النوم، قال "إنها تتعدى أثرها السلوكي، فقد بينت دراسة أميركية – سويدية مشتركة، أن التعرض للموجات الإشعاعية التي يستقبلها الهاتف الجوال عند الاستخدام، يسبب التأرق، ويختصر من نسبة التعرض لمرحلة النوم العميق"، مشيرا إلى أن مجموعة الرجال والنساء الذين تعرضوا لها زادت لديهم أعراض الصداع، وضعف التركيز. وأكد الدكتور كريم على أهمية إعطاء النفس فرصة للسكون، والتقليل من الارتباطات الاجتماعية، خاصة قبل النوم، وأيام الإجازات، ونشر ثقافة ترشيد استعمال وسائل الاتصال الحديثة وألعاب الفيديو الإلكترونية، وعدم تحولها إلى "هاجس اجتماعي"، يقلل من فرص الهدوء النفسي، ويزيد من تعكر المزاج، والشد العصبي، ويسبب حرمانا مزمنا من النوم، أو أرقًا مزعجا، يصعب في كثير من الأحيان التخلص من مضاعفاته السلوكية والنفسية.