أكد عدد من الأدباء والشعراء المصريين أن رحيل الشاعر الدكتور غازي القصيبي يعد خسارة فادحة للشعر العربي، لأنه مثل ظاهرة متفردة في تجربته ونبوغه الشعري، ويعد ملمحاً أساسياً في شعر السعودية والبحرين بل والشعر العربي. وقال صاحب موسوعة الشعر العربي الحديث والمعاصر الشاعر والناقد الدكتور يوسف نوفل – والذي كتب كثيراً عن تجربة القصيبي الشعرية - أول شيء بالنسبة له أنه يشكل ظاهرة فريدة من حيث غلبة الموهبة على التخصص، فنحن نعلم أنه رجل تخصص في الناحية العلمية، كما تقلد عدة وزارات، إلا أن الذي غلب على السمت العام له أولاً النبوغ الشعري، ثانياً الانشغال بالهم الثقافي، وهو هنا من الشعراء القلائل أيضاً الذين تحولوا بالوجدان والعاطفة إلى الفكر والموقف، حتى لنستطيع أن نقول إن غازي القصيبي تحول من موقع الشاعر المبدع إلى المفكر الموجه، ونحن نعلم أن موهبته الشعرية ظهرت في مصر ونبوغه كذلك وصادف أنه كان يسكن مجاوراً للناقد الراحل الدكتور عبد القادر القط فعرض عليه مجموعة أشعاره الشبابية. ومن المؤكد أن القط وجهه. وقد حدثني في شيء من ذلك، وقد بدأت تظهر دواوين غازي القصيبي منذ ديوان" أشعار من جزائر اللؤلؤ" ثم "قطرات من ظمأ " فديوان "معركة بلا راية "فديوان "أبيات غزل"، و الأهم من هذا كله أن يقدم لنفسه وعن نفسه سيرة شعرية عام 1980 عن دار الفيصل كأنما اختارت له قصائد مختارة ودواوين أخرى. ولكن أتوقف عند الجانب الإنساني عندما توفي أخوه كتب شعراً كثيراً عنه كأنه يقدم رثاءً له. وعلى ذكر هذا الرثاء الأخوي العائلي وربطاً بحديثي السابق عن تحول الشاعر المبدع إلى المفكر الخلاق، فإنه قدم ديواناً من دواوينه اختار له هذا العنوان : " مرثية فارس سابق "أي أنه أراد أن يقول إن مهمته في الحياة أن يكون فارساً من فرسان الثقافة والتحضر والتقدم . أما أمين عام مجمع اللغة العربية بالقاهرة الشاعر والناقد فاروق شوشة فلم يتمالك نفسه حين علم برحيل القصيبي من "الوطن"، نظراً للصلة التي كانت تربطه به، وقال إنه ملمح أساسي في شعر السعودية والبحرين معاً، باعتباره ينتمي إلى المنطقتين وله معجمه الشعري المتميز واقتحاماته الشبيهة بما كان يفعله نزار قباني في مرحلته الأخيرة، لذا أصبحت بعض قصائده السياسية تلقى الصدى والتأثير الذي كانت تحدثه قصائد نزار قباني للعرب. وفي دواوين غازي القصبيي عالم متميز يموج بالعواطف الإنسانية وتتمثل دائماً في منظومة القيم النبيلة التي يعيشها وجدان شاعر عربي عميق الانتماء إلى هوية أمته وإلى موروثها الثقافي والروحي، بحيث إن هذه الهوية العربية هي التي شكلت قسمات شعر غازي القصيبي وملامحه الأساسية. وقد استطاع بفطرته الشعرية وثقافته وقراءاته وتجاربه الإنسانية الحية أن يكون له عالمه الشعري بمذاق خاص ولغته الشعرية بإحساس عميق وصياغة محكمة وقدرة على تجسيد الصور وتعميق الأحداث. وخلص شوشة إلى القول إن الشعر العربي المعاصر يخسر برحيله شاعراً كبير القامة، موفور العطاء، عميق التأثير.